لم تتسع القاعة الرئيسة في جمعية الثقافة والفنون في الأحساء لاستقبال الحشد «الكبير» من مثقفين وفنانين ونقَّاد ومسؤولين وجمهور تزاحموا باكراً في ساحة الجمعية، قبل أن يعلن عدم إمكان استقبال المزيد من الدُفعات، من الراغبين في المشاركة في تكريم المؤسس الأول لجمعية الثقافة والفنون، الفنان والموسيقي عبدالرحمن أحمد الحمد، الذي أشعل قبل أكثر من نصف قرن، الشرارة الأولى لجمعيات الثقافة والفنون في المملكة. علقت رائحة الدراجة الهوائية ذات الصوت المزعج في قاعة الاحتفال، التي استقلها الفنان الحمد وزملاؤه في عام 1970 ليوزعوا خطابات بداية تأسيس النادي الحلم على موهوبي المنطقة، ولم تكن ليلة الاحتفاء بهذه الشخصية الفنية «عادية» بل أجبر تاريخه الطويل فنانين من مناطق مختلفة على السفر إلى الأحساء، ليؤكدوا مكانة هذه الشخصية الفنية. وحضرت الموسيقى في شكل كبير، وهي التي تعلق بها الحمد، منذ أن كان طفلاً، يحاول الوصول إلى الراديو البعيد عن مسامعه في منزل الأهل الطيني، ليلتصق به، ويخفض صوته، حتى لا يأخذ حصة من الضرب. إلا أن «الموسيقى كانت تستحق ذلك» بحسب قوله، إذ صنعت منه «ملحناً»، جابت ألحانه أرجاء الوطن، وتعدته لتصل الخليج والوطن العربي. فاجأ الفنان إبراهيم الحساوي الحضور بإخراج فيلم قصير، حمل عنوان: «وتر الروح.. فتى يمشي على الأرض»، وهو من سيناريو وحوار جعفر عمران وإنتاج «نون فن» للإنتاج الفني، تحدث فيه بلغة الصورة عن حياة الحمد، منذ الطفولة، وصولاً إلى لحظة التكريم، نقل فيه محطات «مهمة» في تاريخ الفن السعودي، وبحرفية فنية تفوّق فيها الحساوي، في شكل لافت. وطالب فنانون وأصدقاء بوجوب إطلاق مبادرة تجاه هذا الفنان من قبيل «تسمية أحد شوارع الأحساء باسمه». وذهب الفنان أحمد النوة، إلى «تسمية أحد الجسور الجديدة باسم الحمد». وهو ما لاقى تصفيقاً «حاراً» من الجمهور الذي أيّد الفكرة. وشملت فقرات الحفلة وصلات غنائية لأشهر 5 أغانٍ في تاريخ المُحتفى به، وبمشاركة أجيال مختلفة في عالم الغناء، من بينهم الفنان طلال محمد، وعادل الخميس، وحسين قريش، وعبداللطيف الذكرالله، ومرشد عطاء. بدوره، أشاد رئيس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي بالفنان الحمد، مؤكداً أنه «قامة فنية كبيرة». وخاطبه قائلاً: «من القليل أن نقول لك شكراً، لأنك أوقدت الشرارة التي أشعلت شمعة جمعيات الثقافة والفنون في مناطق المملكة. فأنت من الشخصيات الفنية التي يجب ألا يغفلها الدارسون والباحثون في الفن السعودي على الإطلاق». وتذكر مدير جمعية الثقافة والفنون في الأحساء علي الغوينم قصته وهو طفل حين اصطحبه أخوه الأكبر إلى مكتب الحمد، ليحاول إقناعه بالدخول إلى الجمعية، وبصوت متأثر قال: «تلقفني طفلاً، وتنبأ لي بمستقبل فني مميز، واهتم بموهبتي، حتى أصبحت الآن مديراً للجمعية التي أسسها وأنا طفل صغير». وأعلن الرئيس السابق لجمعية الثقافة والفنون في الأحساء عمر العبيدي، «إطلاق اسم الحمد على القاعة الثانية في الجمعية، ليبقى اسمه محفوراً في ذاكرة الجمعية»، على غرار رفيق عمره الراحل عبدالرحمن المريخي، الذي حملت القاعة الأولى اسمه. وقال مقرر لجنة التراث والفنون الشعبية في الجمعية خالد الفريدة: «عندما نحتفي بالحمد، فنحن نحتفي بجيل المبدعين، في بدايات تكوين دار الفنون في الأحساء، نحتفي بجيل قدم ولا يزال يقدم كل جميل».