دخل الصراع بين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وسلفه علي صالح على قيادة حزب المؤتمر الشعبي مرحلة «كسر العظم» مع أمر من الرئيس بتجميد أموال الحزب في المصارف، فيما بدأت جماعة الحوثيين هي الأخرى تتراجع عن موقفها المتشدد إزاء الحكومة الجديدة برئاسة خالد بحاح في بادرة تتعارض مع سلوك الجماعة التي ما زالت تتولى فعلياً المهمات الأمنية في العاصمة والمحافظات التي سيطرت عليها. وفي ظل هدوء نسبي ساد أمس جبهة المواجهة المستمرة بين الحوثيين ومسلحي تنظيم «القاعدة» في محيط مدينة رداع (جنوبصنعاء) طلب الرئيس هادي من مؤسسات الدولة والمكونات السياسية تقديم الدعم لحكومة بحاح في اجتماع استثنائي ترأسه في صنعاء وضم كبار مستشاريه وأعضاء الحكومة ونواب البرلمان وأعضاء مجلس الشورى. وأكد هادي أن البلاد أمام خياري «استعادة الدولة أو الاستسلام» وحض «على سرعة تشكيل اللجنة الاقتصادية التي نص عليها اتفاق السلم والشراكة الوطنية» كما حاول أن يبرر مواقفه المهادنة إبان الأحداث العاصفة التي أسفرت عن سيطرة الحوثيين على صنعاء ومحافظات. وقال: «في ساعات الشدة والشعور بالإحباط يسهل على أي قائد أن يتخذ قرارات انفعالية قد تجعله يبدو بطلاً لكن كلفتها ستتجاوز كل الحسابات»، وأضاف: «حاولنا بالصبر والإيمان أن نسكت طبول الحرب التي تقرع كل يوم وأن نبتعد عن الاستفزازات التي تريد أن تدخلنا في معارك جانبية». إلى ذلك كشفت مصادر مصرفية أمس أن هادي أصدر أوامر بمنع الصرف من أموال حزب المؤتمر الشعبي المودعة لديها من دون إذنه الشخصي، في سياق رده على قرار الحزب الذي كان أطاحه قبل أيام من منصبي النائب الأول والأمين العام في اجتماع للجنته الدائمة الرئيسية برئاسة علي صالح على خلفية اتهامه بالوقوف خلف عقوبات مجلس الأمن الصادرة بحق صالح واثنين من قادة جماعة الحوثيين. ويعتقد مراقبون أن قرار هادي الأخير سيؤجج الصراع مع صالح إلى أقصى درجاته خصوصاً بعدما رفض أمس قادة جنوبيون في الحزب قرار إقالة هادي من منصب النائب الأول لرئيس الحزب واعتبروا في اجتماع عقدوه في عدن «غير قانوني» لكنهم وافقوا على قرار إقالته من منصب الأمين العام وباركوا تعيين القيادي عارف الزوكا بدلاً عنه. وبدأت جماعة الحوثيين في تغيير مواقفها المتشددة من الحكومة الجديدة برئاسة خالد بحاح التي كانت هددت بإسقاطها اعتراضاً على بعض الوزراء فيها الذين قالت إن تعيينهم جاء مخالفاً للمعايير والشروط المتفق عليها في اتفاق «السلم والشراكة الوطنية». وقال مستشار الرئيس هادي عن جماعة الحوثيين صالح الصماد على صفحته في «فايسبوك» انه «على رغم تحفظي عن بعض الأسماء التي وردت في تشكيلة الحكومة (...) فإنني مع ذلك أشيد بقوة وشجاعة وجرأة الأخ رئيس الوزراء والوزراء الأكفاء الذين تحملوا هذه المسؤولية في هذه المرحلة الحساسة وأشد على أيديهم في النهوض بالمسؤولية الملقاة على عواتقهم وان يكونوا عند حسن ظن شعبهم». وأضاف أنه يأمل «من جميع وسائل الإعلام التعاطي مع الموضوع في هذا الإطار بعيداً من التشفي والمكايدات السياسية التي قد تؤدي باليمن الى المجهول»، فيما أفادت مصادر حكومية مطلعة ل «الحياة» بأن هذا التحول في موقف الجماعة جاء إثر «تفاهمات غير معلنة تمت بين هادي وزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي طلب فيها الأول التهدئة وتعهد بإقالة أي وزير يثبت فساده أو انحيازه ضد أي طرف سياسي». ميدانياً، قتل أمس أحد مسلحي «اللجان الشعبية» الحوثية في صنعاء برصاص مسلح مجهول يستقل دراجة نارية، في شارع العدل القريب من جامعة صنعاء، وذلك غداة هجوم لمجهولين بالقنابل والرصاص على مكتبة للجماعة في ذات الحي أسفر عن سقوط جريحين.