حتى مساء 7 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري كانت نبيلة بنعطية النجمة الأولى في فرنسا للبرامج التلفزيونية الشعبية ومجلات «البيبول» بلا منازع، بل كانت نجمة النجمات. رأس مالها قامة فارعة (176 سنتم) وشعر أشقر طويل وقدّ ميّاس وأنوثة طاغية. كانت نبيلة، الجزائرية الأب والإيطالية الأم، كذلك، قبل أن تنغرز سكين بضع مرات في صدر صديقها الفرنسي توما فيما كانا معاً في فندق بإحدى ضواحي باريس. لم يكن أمام الشرطة سوى مشتبه واحد هو نبيلة التي أودعت السجن احتياطاً. وحتى مساء أمس كانت النجمة قد قدمت ثلاث روايات متناقضة للحادث الذي يعتبره القانون محاولة متعمدة للقتل. لم يأخذ المحققون بأي رواية من الروايات الثلاث لأن الأدلة المعززة بالكاميرات تناقضها، وهم ينتظرون من الفتاة التي لم تتجاوز الثانية والعشرين الرواية الحقيقية: مشادة عنيفة بين العاشقين سببها المخدرات انتهت ببضع طعنات سكين، خصوصاً أن لنبيلة سوابق عنيفة، بينها طعن صديقها نفسه في شهر آب (أغسطس) الماضي وخضوعها لاستجواب الشرطة، إلا أن توما أنقذها بعدم ادعائه عليها. لا يجد بعد خبراء الظواهر الاجتماعية الناتجة من فورة الميديا أي تفسير علمي ونفسي للصعود المفاجئ لهذه الفتاة-الظاهرة في فرنسا. فليس في سيرتها ما يشي بمستقبل نجومي لها، فهي عاشت مراهقتها في جنيف مع والدتها إثر انفصال والديها، وحاولت أن تتلمس طريقها في عالم عارضات الأزياء من دون جدوى، فضلاً عن أنها لم تصل في دروسها إلى المرحلة الثانوية، وهو أمر نادر اليوم في البلدان الأوروبية عموماً، والأدهى أن سجلها العدلي في سويسرا غير ناصع البياض لمشاركتها في عملية نصب وتزوير أفضت بها إلى السجن. إلا أن باريس كانت أكثر رأفة مع الفتاة «الضالة» طالبة الشهرة، فقد شرّعت لها شاشات تلفزيون الواقع لتتلقف نبيلة الفرصة وتستغلها إلى أقصى الحدود، مع ما في جعبتها من «أسلحة» تفتك بالجمهور، وفي مقدمها مفاتن زادها مبضع طبيب التجميل إثارة. النقطة الحاسمة في مسيرة نبيلة على طريق النجومية كانت من التفاهة بحيث حيّرت خبراء الميديا. ففي أحد برامج تلفزيون الواقع تناولت نبيلة هاتفاً وأطلقت عبارة لا أهمية لمعناها، لا بالفرنسية ولا بأي لغة أخرى، فقط أهميتها في طريقة الغنج وترخيم الصوت المثير الذي رافق صوت المتحدثة، وترجمتها: «آلو! لا، وآلو ماذا؟ أنتِ فتاة وليس لديك شامبو!...»! وما هي إلا لحظات حتى كان صوت نبيلة يملأ وسائل الاتصال الاجتماعية، بشكل يفوق كل تصوّر أو توقّع، ويقال إن عدد تحميل عبارة نبيلة فاق العشرة ملايين، وهو أعلى رقم تحميل في البلدان الفرنكوفونية. منذ «آلو!» لم تعد نبيلة منافسة فقط لنجمات التلفزيون أمثالها، بل أيضاً لكبار رجال السياسة، وأول ضحاياها الرئيس فرنسوا هولاند، فغداة استضافة التلفزيون الفرنسي له لم يعد الرئيس الخبر الأول بل نبيلة التي سبقته إلى احتلال الشاشة، لكن ليس بمفاتنها بل بسكين المطبخ.