تعدّدت آليات العمل والخطط المعتمدة في دول المنطقة لمواجهة التحديات العقارية الخاصة بقطاع الإسكان سواء من جانب السكان أو المقيمين، والاستعداد لمرحلة الطلب الذي يتجاوز العرض. واعتبرت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، أن مؤشرات النمو في «خطط التنمية 2030» التي ينفّذها معظم دول المنطقة، تفضي إلى تنشيط القطاعات الاقتصادية وارتفاع مؤشرات الطلب على المساكن تحديداً، وان مصادر الطلب وآليات العمل تتباين لدى دول المنطقة وتتباين معها الحلول الممكنة، وتتراوح بين إفساح المجال للقطاع الخاص وشركات التطوير العقاري لتتولى هذه المهمة مع إشراف غير مباشر من قبل الحكومات، وبين التدخل الحكومي المباشر في إدارة عملية تطوير القطاع السكني للمواطنين كما هي الحال في المملكة العربية السعودية من خلال صندوق التنمية العقارية، وبين الدخول في شراكة بين القطاع الخاص وحكومات الدول للوصول إلى آليات عمل ذات جودة عالية وحلول استباقية مستحدثة تجنب الدول الدخول في اضطرابات في السوق العقارية يصعب التنبؤ بنتائجها. ولفت التقرير إلى تجربة السعودية في «إيجاد الحلول للقطاع السكني في ضوء ازدياد الطلب على السكن الخاص من مواطنيها الشباب وبمستويات تفوق النسب السائدة لدى الدول المجاورة وحتى العالمية، وهي تبذل جهوداً متواصلة للحفاظ على استقرار السوق العقارية والأسعار بما يدعم مواطني الدول. وقدّمت الدولة في سبيل ذلك الدعم المتواصل لصندوق التنمية ورفعت رأس ماله ليصل إلى 183 بليون ريال نهاية عام 2012 من أصل 250 مليوناً وهو مبلغ بدأ به الصندوق عمله، وبذلك شكّل أحد أكبر مؤسسات التمويل في العالم». وأعلن الصندوق أن عدد القروض تجاوز 811 ألفاً قيمتها 263 بليوناً. وتهدف إلى بناء أكثر من 974 الف وحدة سكنية». وأوضح تقرير «المزايا»، أن مشكلة التمويل العقاري «عالمية قبل أن تكون إقليمية أو محلية، وتصنّف ضمن أهم التحديات التي تواجهها خطط دعم القطاع العقاري ونموه واستقراره، لأن استمرار التحديات في السوق سيؤدي إلى ارتفاع مستويات الطلب على المساكن وبالتالي أسعارها إلى حدود يعجز معها مواطنون كثر عن الحصول على مسكن. وهذا الوضع قائم في سوق المملكة، ويمكن القول إنها ضمن مستويات جيدة من التفاؤل بعدما ضخت الحكومة ما يزيد على 250 بليون ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية». فيما تتركز الجهود ل «تطبيق أنظمة عقارية تؤمّن درجة عالية من الأمان والثقة لجميع الأطراف وتحفظ حقوق الدائنين والمقترضين، ويُعتبر ذلك من أساسات تحقيق الاستقرار». في المقابل «تُطرح اقتراحات تدعم فكرة تحويل صندوق التنمية العقارية إلى شركة أو مؤسسة تمويل عقارية يشارك القطاع الخاص في رأس مالها، وتقدم القروض السكنية بشروط ميسرة ووفق الصيغ الإسلامية». وعلى رغم الإنجازات المحققة أو قيد التنفيذ، رصد التقرير تحديات أمام صندوق التنمية العقارية وتتمثل ب «ارتفاع قيمة الديون المتعثرة التي قدرها متخصصون ب250 بليون ريال نهاية العام الماضي». وعزا ازديادها إلى «ضعف آليات المتابعة ومطالبة المواطنين المقترضين، فيما يساهم ضعف الدخل الشهري لعدد كبير من المقترضين في تفاقم المشكلة، مع الأخذ في الاعتبار وجود علاقة بين ارتفاع قيمة الديون المتعثرة وارتفاع عدد المواطنين على لوائح الانتظار ومدته للحصول على القرض السكني». واعتبر أن آلية الصندوق بتقديم القروض نقداً «تشكل انحرافاً خطيراً أدى إلى تفاقم مشكلة التعثر وكان المسبب المباشر لها. ويتطلب الخروج من المأزق إعادة تقويم هذه الآلية والتي لا بد لها من تأمين الحصول على السكن لجهة القيمة، على أن يتم ذلك من خلال شركات التطوير العقاري لضمان التنفيذ في حال البناء أو التسليم من طريق الشراء المباشر». وتطرق تقرير «المزايا» الى تجربة البحرين في المجال السكني، «وتعزيز حدود الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لإنجاز المشاريع لتلبية الطلب على المساكن». وتتمحور هذه التجربة حول «قيام الدول بإعطاء القطاع الخاص ممثلاً بشركات التطوير العقاري، قطع أرض تملكها الدولة لتمويل المشاريع وتنفيذها وتصميمها، تشتريها في ما بعد وتدفع قيمها ضمن فترة زمنية لا تتجاوز سبع سنوات، ثم تسلّمها للمواطنين أصحاب الطلبات». بعد ذلك «تتم عملية الرهن العقاري والاقتراض من المصارف أو التمويل المصرفي من المواطنين لتسديد قيمة السكن». وأكد أن التجربة البحرينية «تمثل نقطة انطلاق ناجحة وقابلة للتعميم في دول المجلس». وأشار إلى «تجارب إسكانية ناجحة على مستوى المنطقة والعالم، وتتعدد طرق تمويلها من الحكومات سواء كلياً أو جزئياً. كما تنوعت أنظمة التمويل والتملّك سواء بالتأجير الذي ينتهي بالتمليك أو بالتملّك الفوري، أو من خلال المنح الحكومية وآليات التمويل الطويلة الأجل». لكن لحظ إشكالية رئيسة في هذا المجال تتمثل في «ضعف التمويل ومحدودية مصادره إذ تتولى الحكومات الخليجية الأعباء الكاملة من خلال إنشاء مؤسسات الإسكان والصناديق المتخصصة». ولم يغفل ذكر القيود التي تفرضها المصارف على التمويل العقاري لمحدودي الدخل التي «أدت إلى صعوبة الحصول على مصادر تمويل بديلة على مستوى المستثمرين أو المواطنين الراغبين في تملّك مساكن، نتيجة عملية انتقائية في التمويل على مستوى المشروع والأفراد من طالبي التمويل، وعدم استعدادها لتحمّل أخطار التعثر التي ترتفع نسبتها في هذا النوع من التمويل، نظراً إلى تدني مداخيل الشريحة المتضررة». لذا لن يعالج اللجوء إلى القطاع المصرفي التحديات التي يواجهها القطاع السكني الخليجي والمنطقة، ولا بد من تحسين آليات عمل المؤسسات والصناديق التي تشرف عليها الحكومات». وأوصت «المزايا القابضة» باعتماد «آليات جديدة بالفصل بين تقديم منح السكن من الحكومات وبين تقديم القروض السكنية»، مشيراً إلى «آليات عمل وتجارب مطبقة في دول المنطقة يسهل نقلها وتعديلها في شكل يتناسب مع متطلبات كل بلد».