«تعال لأريك أين يمر مهربو القات والحشيش والأفارقة». يقول الشاب عبده علي احد أبناء القرى الواقعة على الحدود اليمنية السعودية. وإضافة إلى شهرتها في التهريب، باتت مناطق الحدود هدفاً لاستقطاب سياسي. ويقول سكان إن جماعة الحوثيين (الذراع العسكرية للأحزاب الشيعية اليمنية) الموالية لإيران تنشط في المنطقة، مستفيدة من حال التذمر بعد إقامة السعودية سياجاً مكهرباً على حدودها. ويبدو التهريب مهنة رئيسة لسكان مناطق الحدود اليمنية يتوارثونه جيلاً بعد جيل. ويؤكد الناشط السياسي علي مجدلي تفشي ظاهرة استخدام الشباب واليافعين في التهريب. ويقول: «لا توجد أسرة تقريباً لم تفقد ابناً لها بسبب التهريب». ويكشف مجدلي، الذي مارس التهريب في صباه عن انخفاض نسبة التسرب من التعليم وانحسار الزواج المبكر في المنطقة التي شكلت مسرحاً لما عرف بظاهرة تهريب الأطفال إلى السعودية. ويشرح: «لم يعد الأمر كما في السابق عندما كان بعضهم يترك مقاعد الدراسة نهائياً، وفي أحسن الأحوال يغادر المدرسة قبل انتهاء اليوم المدرسي ليلتحق بالمهربين»، موضحاً أن الأموال الكثيرة التي كان شبان ويافعون يجنونها من التهريب كانت من أسباب الزواج المبكر. وأنشأت السعودية سياجاً مكهرباً على حدودها مع اليمن بطول 2000 كيلومتر وبارتقاع ثلاثة أمتار مزود بأنظمة رصد إلكترونية، الأمر الذي قيد نشاط التهريب ورفع من درجة المخاطرة. ولا يستبعد بعضهم أن يبتكر المهربون أساليب جديدة، مثل حفر الأنفاق. وقال مهرب محلي ل «الحياة»، إن عمليات التهريب انتقلت إلى المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين. وتزامن ضبط السعودية حدودها مع ترحيلها آلاف العمال اليمنيين المخالفين لقوانين الإقامة. ووفق مصادر أمنية وسياسية، فإن طرد العمال اليمنيين قد تستغله جماعة الحوثيين. وتستغل الجماعات السياسية والمذهبية المتصارعة في اليمن انتشار الفقر والبطالة لتجنيد مناصرين. ويشير شاب يقود سيارة من نوع «هايلوكس» مكشوفة تستخدم لنقل الركاب والبضائع، الى تسلل جماعة حوثية مسلحة نهاية 2009 إلى داخل الأراضي السعودية قبل أن يقوم الجيش السعودي بطردها. وثمة من يرى أن جماعة الحوثيين المسلحة هي التي تسببت ببناء السلطات السعودية السياج الحدودي، بسبب تهريبها السلاح والمخدرات إلى السعودية ومحاولة التسلل إلى داخل أراضيها. وكانت الجماعة المسلحة التي تسيطر منذ أكثر من عامين على محافظة صعدة نصّبت، من دون رجوع إلى السلطة المركزية، محافظاً يوصف بأنه من كبار مهربي السلاح. وتنتشر في حرض ومناطق حدودية أخرى، مثل الملاحيظ والمزرق، تجارة المخدرات والأسلحة، خصوصاً المسدسات التركية. وذكر بعض الأهالي أن سعر الأراضي شهد ارتفاعاً في الآونة الأخيرة، على خلفية عملية شراء أراض ومزارع وتشييد مبان، خصوصاً على الطريق الرابط بين ميناء ميدي على البحر الأحمر و صعدة. ولم تستبعد مصادر محلية أن تكون الجماعة المسلحة تتستر بالنشاط التجاري بهدف تأمين طريق لها إلى البحر. وتتهم القوى السياسية اليمنية بممارسة الأساليب المشروعة وغير المشروعة لإثبات وجودها. وتفيد معلومات بأن عمليات التهريب تجري في إطار شبكة إقليمية عابرة للحدود. ويعتقد كثيرون أن المداهمات التي تقوم بها الشرطة أحياناً لبعض أوكار مهربي المخدرات والبشر تقع ضمن صراع بين نافذين حكوميين وقبليين أكثر منها استراتيحية لمكافحة شاملة. وتبدو حرض لزائرها مزيجاً من بؤس وفوضى لا يخلوان من غرابة. وكان لافتاً عند وصولنا تلقِّينا رسالة ترحيب من شركة اتصالات خليوية سعودية على رغم عدم وجود اشتراك دولي. وبعض شركات الاتصالات السعودية تغطي معظم مناطق الحدود اليمنية. وبإمكان زائر حرض أن يشتري من باعة الرصيف شرائح مفعلة لشركات سعودية ويمنية من دون حاجة لإثبات الهوية. وبات المهاجرون الأفارقة، الذين تقدر السلطات المحلية عددهم بأكثر من 20 ألف مهاجر غير شرعي، جزءاً من مشهد بؤس المدينة الصغيرة المفتقرة لكثير من خدمات البنية التحتية، باستثناء الفنادق. ويقول حرضيون إن الأفارقة صاروا عبئاً عليهم ومزاحمين لهم على لقمة عيشهم، فكثير من أصحاب الأعمال يستخدمون أفارقة، لتدني أجورهم، فما يعطى للأفريقي لا يزيد عن نصف أجر العامل اليمني.