وكيل إمارة المنطقة الشرقية يستقبل القنصل العام المصري    برنامج حساب المواطن يبدأ تطبيق معايير القدرة المالية على المتقدمين والمؤهلين    أمير الرياض يطلع على جهود إدارة تعليم المنطقة في تنفيذ مشروع التحول والحوكمة    تعليم الطائف ينظم معرضاً رقمياً بمناسبة باليوم العالمي للطفل بمشاركة أكثر من 200 طفل    مدير فرع وزارة الصحة بجازان يفتتح المخيم الصحي الشتوي التوعوي    311 طالبًا وطالبة من تعليم جازان يؤدون اختبار مسابقة موهوب 2    ضيوف الملك يغادرون المدينة إلى مكة    حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    السند يكرِّم المشاركين في مشروع التحول إلى الاستحقاق المحاسبي    غربلة في قائمة الاخضر القادمة وانضمام جهاد والسالم والعثمان وابوالشامات    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمرًا دوليًا يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    السعودية تستضيف المعرض الدوائي العالمي "CPHI الشرق الأوسط"    التدريب التقني ترصد 298 مخالفة تدريبية في النصف الأول من العام 2024 م    جبل محجة الاثري في شملي حائل ..أيقونه تاريخية تلفت أنظار سواح العالم .!    NHC تطلق 10 مشاريع عمرانية في وجهة الفرسان شمال شرق الرياض    وزير الصناعة في رحاب هيئة الصحفيين بمكة المكرمة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    السودان.. في زمن النسيان    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    نهاية الطفرة الصينية !    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترتيب الأولويات في العلاقة السعودية - الأميركية
نشر في الحياة يوم 04 - 11 - 2013

يتم صوغ السياسة الخارجية للدول وتحديد أهدافها وفق مقتضيات المصلحة الوطنية، وترتبط قدرة الدولة على تحقيق أهداف سياستها الخارجية بكيفية توظيفها مواردَها في شكل مثالي وفعال. وتتشعب مصالح الدول والتزاماتها وفق مكانتها الدولية ونطاق علاقاتها، وهو أمر يتسم بالديناميكية وليس بالديمومة. وإذا كانت العلاقات على المسرح الدولي تتسم بقدر كبير من العلاقات العمودية، عطفاً على كون القوى الكبرى لديها وسائل تأثير أكبر، إلا أن القوى الإقليمية تستطيع توظيف مواردها المختلفة في سبيل الحفاظ على نفوذها وتأثيرها في محيطها الإقليمي، إن لم يكن الدولي.
هذا التوصيف ينسحب على العلاقات السعودية - الأميركية، التي غالباً ما كانت توصف في الأدبيات السياسية ب «العلاقة الخاصة»، نظراً إلى متانة هذا التحالف الإستراتيجي وتنوعه وصلابة الأرضية التي بني عليها منذ أربعينات القرن العشرين، الأمر الذي ساعد السياسيين في البلدين على تجاوز الكثير من التحديات ومحطات التوتر، مثل حرب 1973 والحظر النفطي الذي لعبت السعودية دوراً بارزاً فيه، وكذلك أحداث 11 أيلول (سبتمبر) واتهام عدد كبير من منفذي التفجيرات من حملة الجنسية السعودية. لكن ما تمر به العلاقات بين الرياض وواشنطن هذه الأيام يختلف تماماً عن السابق، لأنه لا يرتبط بالأحداث بقدر ما هو مرتبط بكيفية قراءة واشنطن التغيرات الإقليمية والدولية، ما يستوجب التعامل معه بمنطق استراتيجي يتجاوز الفعل وردة الفعل.
عبر العقود الماضية كانت ثوابت السياسة الخارجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط ترتكز إلى ثلاثة عوامل: حماية أمن إسرائيل وتفوقها الإستراتيجي، ضمان أمن الطاقة، ومحاربة التمدد الشيوعي في المنطقة والذي أصبح بعد انتهاء الحرب الباردة محاربة الإرهاب العالمي. وفيما لا يزال العامل الأول على حاله، ويزداد الالتزام الأميركي به يوماً بعد يوم، تغيرت قراءة واشنطن للعاملين الأخيرين، فسطوة «أوبك» على أسواق الطاقة العالمية تضعضعت بعد أن كانت في السبعينات تسيطر على أكثر من 60 في المئة من إنتاج النفط في العالم، فيما قل اعتماد أميركا على النفط العربي في السنوات الأخيرة نتيجة تزايد استيرادها من أماكن أخرى في محيطها الإقليمي وفي غرب أفريقيا، إضافةً إلى تزايد إنتاجها أخيراً من النفط الصخري بنسب كبيرة، ما قد يجعلها أكبر منتج للنفط في العالم في غضون فترة قصيرة.
من ناحية أخرى، ازداد اهتمام واشنطن بمحاولة احتواء صعود الصين لدرجة تقترب من هوسها السابق بمحاربة الشيوعية، أو اللاحق بمحاربة الإرهاب، الأمر الذي جعلها تعلن عن إستراتيجية جديدة لمنطقة الباسيفيك بهدف تعزيز وجودها وبناء شبكة من العلاقات الإقليمية التي تساعدها على الحد من التمدد الصيني في منطقة الشرق الأقصى ذات الثقل الاقتصادي الواضح. وهذا يعني أن لدى واشنطن قراءة جديدة لمستقبل النظام الدولي وديناميكياته، ما يتطلب تغيراً واضحاً في أولوياتها وسبل تنفيذ سياستها الخارجية، بما لذلك من إسقاطات على رؤية واشنطن لقضايا منطقة الشرق الأوسط وكيفية التعامل معها. هذا لا يعني بالضرورة تناقص أهمية المنطقة العربية، وبالتحديد منطقة الخليج لأميركا، بل ستبقى المنطقة مهمة اقتصادياً واستراتيجياً للعالم الصناعي الغربي الحليف لأميركا أيضاً، لكن وفق سلم أولويات جديد تراجعت بموجبه القضايا الإقليمية، ما عدا تلك التي تخص إسرائيل، إلى مراتب أقل. كما أن واشنطن تحاول كسب مزيد من الأصدقاء في المنطقة وتحويل الأعداء إلى أصدقاء، بدلاً من خلق عداوات جديدة.
الوضع الاقتصادي المتردي لأميركا هو الآخر له تأثيره الواضح على إعادة ترتيب أولويات واشنطن، فعبء القيادة العالمية أصبح مكلفاً في شكل لا يمكن تحمله، إذ تراجعت قدرة أميركا الاقتصادية التي جعلتها في السابق تحافظ على وجود عسكري ملحوظ وتسهيلات كبيرة في أكثر من مئة دولة حول العالم. بل إن الاقتصاد الأميركي يعاني أزمة ديون خانقة تتجاوز 16 تريليون دولار، أي أكثر من الناتج القومي الأميركي نفسه.
نخلص من ذلك كله إلى القول إن المنطقة العربية لن تكون بمنأى عن التغير في الفكر الإستراتيجي الأميركي، فكيفية تعامل واشنطن مع الثورات العربية تشي بتوجه سياسي جديد باعت بموجبه واشنطن حلفاء تقليديين لها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ تخلت واشنطن عن مطالب حلفاء آخرين مثل السعودية لحسم ملفات مهمة، مثل الأزمة السورية والملف النووي الإيراني، بل فعلت واشنطن عكس ما كان يتوقعه حلفاؤها العرب منها، حيث تقاربت مع إيران وتوصلت إلى تفاهم مع روسيا حول سبل التعامل مع النظام السوري في شكل مفاجئ وغير متوقع. ومع أن ذلك لا يعني بالضرورة تخلي واشنطن عن تحالفاتها التقليدية في المنطقة العربية، إلا أنه من الواضح أنها لن تسعى إلى تحقيق مصالح حلفائها الإقليميين كما كانت في السابق.
ومهما بدت السياسة الخارجية الأميركية مرتبكة في عهد الرئيس اوباما، إلا أن الارتباك وحده لا يجب أن يحجب تلك المعطيات والمستجدات التي طرأت على الساحتين الإقليمية والدولية من وجهة النظر الأميركية، ولا يتوقع أن يكون هناك تحول معاكس وسريع إلى الوضع السابق في السياسة الخارجية الأميركية تجاه قضايا المنطقة، وهذا يحتم على الرياض أن تعيد صوغ علاقاتها مع واشنطن في شكل مختلف قدر الإمكان، وأن تعيد ترتيب أوراقها، بما في ذلك أولوياتها الإقليمية والدولية، وكيفية توظيف مواردها الديبلوماسية والمالية والأيديولوجية، بما يعطيها هامشاً أكبر من المناورة السياسية عطفاً على تعدد وتشابك قضايا المنطقة من ناحية، وجسامة التحديات الإقليمية من ناحية أخرى.
* كاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.