مع بداية فصل الشتاء سيعود السوريون للوقوف مجدداً بطوابير طويلة أملاً بالحصول على وقود للتدفئة، هذا الوقوف الذي اعتاده السوريون منذ أربع سنوات وحتى اليوم، بدءاً من الوقوف أمام السفارات الأجنبية في دول اللجوء او أمام مفوضية الأمم أملاً بالهجرة أو أمام حواجز النظام في الداخل السوري أملاً بالعبور من منطقة الى أخرى. الوقوف والانتظار صفة جمعت السوريين بكل مكوناتهم، وهذا الشتاء اصبح البرد عنواناً أخر لجمعهم من جديد تحت وجع آخر، فعند سؤالك أي سوري، ما هو الذي تخافه في الفترة المقبلة سيكون جوابه البرد وانعدام الوقود. وهذه السنة بالذات قد تكون الأصعب على كل السوريين، ففي المناطق التابعة للنظام السوري وصل سعر الليتر الواحد من مادة المازوت المستخدمة كوقود للتدفئة الى 180 ليرة سورية وهذا رقم خيالي بالنسبة إلى دخل المواطن السوري الذي لا يتجاوز 200 دولار اميركي. مازن ابن مدينة دمشق تعرض منزله لضربات الهاون، يقف كبقية السوريين في طوابير الانتظار امام محطات الوقود ويقول:» كنا ننتظر أن يؤمن المازوت في محطات الوقود بعد رفع سعره مؤخراً من السلطات السورية لكن للأسف رفعت الأسعار ولم يوفر المازوت رغم أن فصل الشتاء بدأ، وبدأت درجات الحرارة تنخفض، في حين هناك مازوت في السوق السوداء بسعر 200 ليرة للتر الواحد». ويضيف «ليس هناك بدائل متوافرة مع انقطاع الكهرباء الذي يصل إلى 15 ساعة يومياً، في حين أن أسعار الحطب أعلى من سعر المازوت. السنة الماضية حرقنا كل شيء استطعنا أن نستغني عنه من ثياب قديمة وأحذية إلى إطارات مستعملة وبلاستيك، هذا العام لا أعلم ماذا سنفعل». في الجانب الآخر حيث السوريين الواقعين تحت سيطرة المعارضة السورية الحال ليست بأفضل، بل هي أسوأ بكثير، فوقود التدفئة اصبح امراً من المنسيات لديهم، بالكاد يتوافر الوقود الخاص لتوليد الطاقة الكهربائية في المولدات الخاصة الصغيرة، فالتيار الكهربائي مقطوع عنهم منذ بداية الحصار عليهم من قبل النظام السوري كنوع من العقوبة. الغوطة الشرقية كمثال هي من اكثر المناطق التابعة لسيطرة المعارضة كارثية، غالبية السكان تعيش في منازل مهدمة نتيجة القصف، والطعام لديهم بالكاد يتوافر فكيف اذا قلنا مواد التدفئة التي تصل الى اسعار خيالية. فمادة المازوت يصل سعر اللتر الواحد منها فقط من 8 الى 10 دولارات اميركية وهذا سعر مرتفع جداً، في حين ان الحطب يصل سعر الكيلو الواحد منه فقط الى دولار او دولارين احياناً، وطبعاً هذا ان توافرت هذه المواد نتيجة الحصار، الأمر الذي يجبر الكثيرين على البحث بين القمامة عن مواد للحرق والتدفئة. الأزمات الاجتماعية والاقتصادية جمعت السورين اليوم من جديد بموالاتهم ومعارضتهم ليقف الطرفان صفوفاً امام محطات الوقود. فقد استطاعت السياسة وآلة الحرب ان تفرقهم لكن وجع الحياة وتأمين لوازم الحياة هما ما يجمعهما.