أعلن الدكتور فهد العرابي الحارثي، موت النخبة والكتاب الورقي والخبر الصحافي. وأشار إلى أن العولمة كأحد تجليات المجتمع المعلوماتي، جعلت الخيارات «مذهلة وشكلت قيماً جديدة وذائقة جديدة فنياً وأدبياً وثقافياً، لكننا في العالم العربي قد لا نشعر بها كما يشعر بها العالم الغربي، لكننا حتماً سنصل إليها، وعلينا مواجهة ذلك». مطالباً بضرورة «ألا نقف أمام هذا المد ولا أن ننغلق داخل أسوارنا من دون أن نتفاعل معه». وقال في محاضرة قدمها في منبر الحوار في نادي الرياض الأدبي مساء السبت الماضي وأدارها الشاعر محمد الهويمل، إن «تأثير تكنولوجيا المعرفة في مرحلة ما بعد الحداثة أو ما بعد الصناعة، التي تلت مرحلتي الزراعة والصناعة كان كبيراً، على المستويين الثقافي والإعلامي». مركزاً على الأثر في المستوى الثقافي، وأوضح أننا «اليوم أمام ثورات هائلة وصياغة جديدة للعالم ترتكز على روافد معرفية ثلاثة غيرت العالم كلياً هي الكومبيوتر ونظم الاتصالات وهندسة التحكم التلقائي». وأشار الحارثي إلى أن ديموقراطية المعرفة «أتاحت المعلومات للجميع في شكل أفقي بحيث أصبح نمو المعلومات أفقياً وليس رأسياً، وبذلك توالدت الأفكار وتكاثرت من الأطراف والجوانب ولم تعد كما في السابق حكراً على النخب التي كانت تحتكر المعلومات من دون غيرها وتتحكم وتصدر القرارات تبعاً لذلك». متوقعاً في ضوء ذلك موت النخبوية، في الوقت الذي قلل مداخلون في المحاضرة من ذلك، وقالوا إن الأمر لن يصل للموت وإن اعترفوا أنه سيصل للإلغاء. وتابع الحارثي في السياق نفسه، أن التكنولوجيا «أثرت في أشياء كثيرة حولنا متجاوزة مجالها المحصور في أذهاننا في تبادل المعلومات إلى التأثير في إحداث سلسلة من التحولات، التي ولّدت بدورها معتقدات وقيماً وسلوكيات جديدة ومختلفة، كما ولّدت سلوكيات على المستويين الفردي والجماعي في نظم العيش والإنتاج وحتى العمالة، التي ما عادت تعتمد على سواعدها بل على عقولها». وهو ما أشير إليه بموت المهنة. وأضاف أنه إذا كانت العولمة، «قد حطمت الحواجز الجغرافية فإن التقنيات حطمت الحواجز أمام المعرفة، فولدت مناهج جديدة وانعكس هذا على كل العلوم حتى العلوم الإنسانية مثل علم اللسانيات، وهو ما يعبّر عنه بموت اللغة. وعلى المستوى الإعلامي أوضح أن تدفق المعلومات الهائل «أدى إلى نشوء مفاهيم جديدة كالإعلام الجديد، الذي أصبح مفهوماً إعلامياً أشبه بالمصالحة أو التكاملية مع الإعلام التقليدي والصحف، إذ يعتمد على الخبر السريع المتتابع والصورة الحية والمقطع الفديوي المباشر، معداً من القارئ الذي يوجد في كل مكان، واصفاً دوره الجديد بالإيجابي والشريك الأساسي في الإعلام، في ما ينقله ويعده عبر الهاتف الذكي والإنترنت والمدونات التي مكّنت كل فرد أن يشكّل صحيفته الخاصة». وتابع أن الصحافة لم تعد وحدها السلطة الرابعة، «فقد أصبح لها شركاء كثر، وهو ما أدى إلى خفض بعض الصحف العالمية أعداد العاملين فيها، كما أن المعلنين أصبحوا يبحثون عن الإنترنت كوسيلة إعلان ذات مردود أعلى». وقال إنه وسط هذه الثورة المعلوماتية، «مات الخبر ولم يعد لبريد القراء في الصحف التقليدية أي معنى، كما أن الكتاب الورقي تضاءلت قيمته في ظل تنامي الكتاب الإلكتروني، وهو ما أدى بدوره لتغير مفاهيم انتقال الكتاب والنشر والكتابة». مستشهداً بفكرة الرواية الإلكترونية، التي أصبح الجميع يتشارك في كتابتها على الإنترنت.