لا بد أن تلفت انتباهك هذه البوابة لدى العبور أمامها. بوابة خشب كبيرة مطرزة بالنقوش، تستقر هادئة بين انفلات الباعة الجائلين وصخبهم في وسط القاهرة. إنه المركز الثقافي الهندي المعروف بمركز مولانا أبو الكلام آزاد، والذي يقع على مسافة خطوات من ميدان طلعت حرب المؤدي إلى ميدان التحرير. في الداخل تطالعك صور ذات عبق آسيوي، وتمثال كبير من الحجر للزعيم الهندي المهاتما غاندي. أنت هنا في حضرة الثقافة الهندية. كل ما تقع عليه عينك في المكان يتصل بالهند. صور ورسوم وتماثيل وقطع أثاث. بين هذه الأجواء الهندية الدافئة يقع ناظراك على صورة كبيرة تجمع بين الزعيمين الراحلين المصري جمال عبدالناصر والهندي جواهر لال نهرو. تحمل الصورة حساً كاريكاتورياً في أسلوب تنفيذها وألوانها والمبالغة المحببة في تفاصيلها. تطل الصورة مستقبلة الزائر إلى المركز، لتلقي الضوء على أيام كان فيها الشرق ينفض عنه غبار الاستعمار، ويتطلع إلى مستقبل جديد ومشرق. أحلام كبيرة ترسم ضياءها على ملامح الزعيمين. أحلام قد لا تمت بصلة إلى ما آلت إليه الأمور اليوم، أقله في شرقنا العربي. إلى جانب تلك الصورة سرعان ما تتنبّه إلى وجود صور أخرى. صورة باسمة للفنان الكوميدي المصري الراحل عبدالفتاح القصري. ليتوالى بعدها كثير من الوجوه الباسمة والمرسومة بالأسلوب الكاريكاتوري المبهج نفسه. الرسوم المعروضة هي جزء من المعرض الذي يستضيفه المركز الثقافي الهندي حالياً بالتعاون مع الجمعية المصرية للكاريكاتور عن الشخصيات المؤثرة في الثقافة المصرية والهندية. يضم المعرض لوحات لفنانين وشخصيات عامة وساسة مصريين وهنود مرسومة بأسلوب كاريكاتوري. وفيه أيضاً صور لمشاهير السينما الهندية مثل أميتاب باتشان وآيشواريا راي. بينما ترصد هذه الأعمال من الجانب المصري شخصيات مثل نجيب محفوظ ويوسف شاهين وعمر الشريف وغيرهم من الفنانين المصريين. وتؤكد إدارة المركز من خلال المعرض ما تتمتع به الهند ومصر من تاريخ ثري في فن الكاريكاتور، وغيره من الفنون، وسعيها إلى أن يكون بمثابة الخطوة الأولى في سلسلة أحداث هدفها دعم التعاون بصورة أكبر بين الهند ومصر في المجال الثقافي عموماً، والفني خصوصاً. تعقد هنا ندوات وتلقى محاضرات، وتقام معارض للفنون وبرامج للعروض السينمائية للأفلام العربية والهندية، ومسابقات فنية للأطفال وورش عمل. كما يحتوي المبنى على مكتبة تضم أكثر من عشرة آلاف كتاب باللغات العربية والهندية والإنكليزية تتيح للزائر فرصة الاطلاع والاستعارة. ويحرص القائمون على المركز على التفاعل مع الكثير من الأحداث الجارية في الساحة المصرية، فقبل أسابيع استضاف معرضاً عن الملصقات الفنية تحت عنوان «روح غاندي في ميدان التحرير» شارك فيه عدد كبير من الفنانين المصريين والهنود، وواكب ذكرى ميلاد بطل استقلال الهند. أُسس المركز الثقافي الهندي في القاهرة مطلع تسعينات القرن الماضي، ويحمل اسم مولانا أبو الكلام آزاد، وهو زعيم وطني ورجل دولة شارك المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو وغيرهما من الزعماء الهنود في النضال من أجل الاستقلال عن الحكم البريطاني. ووضع أبو الكلام آزاد أساساً للسياسات الهندية التعليمية والثقافية المستقلة. كما كانت له مساهمة في الدراسات الإسلامية. وانصب اهتمامه على التعايش بين الحضارات والثقافات المختلفة. وهو مؤسس المجلس الهندي للعلاقات الثقافية من أجل تعزيز التفاهم بين الهند وغيرها من البلدان.