ها هو العام الهجري الحالي أزف على الرحيل، ويغادرنا إلى غير رجعة، وهو يحمل معه الذكريات المفرحة المحزنة، فيه كبرنا وتعلمنا وبكينا ندمنا تغيرنا تطورنا تركنا أمنيات، كنا نأمل بأن تتحقق فيه، لكنها ذهبت إلى أدراج الرياح، والألم يعتصرنا، والحزن كوشم طبع على أجسادنا. وها هو العام الجديد أوشك على الولوج في عالمنا وذواتنا، ليفتح صفحات أخرى في حياتنا، ومن السهل أن نستعرض أيامه، لربما أقل من ساعة أو نصفها من الزمن، ونحن نقلب صفحاته الورقية، لنعرض المناسبات والإجازات والتقويم الدراسي وبعض الأمور الأخرى التي تهم كل شخص، لترتيب أوضاعنا على أساسها. لكن من الصعب أن نتنبأ بأحداثه وما سيجري فيه، فعليك ألا تنتظر وقوع الحدث، بل حاول أن تكون صانعاً له، فقد يكون في شخصك أو بيتك، وما يتعلق بأسرتك أو محيطك من الجيران أو مكان العمل أو في مكان آخر لك علاقة فيه، فكن فاعلاً ومتفاعلاً مع ما يجري حولك، ابدِ رأيك، قدم مقترحاتك، أسهم بتغيير السلبيات إلى إيجابيات، وعززها، ولا تدع يوماً يمر ويمضي من دون فعل شيء نافع، فإنما أنت واحد من كل، ولا تقل ليفعلها غيري فهذا تصرف غير مسؤول ولا مبالاة، فأنت ستحاسب على ذلك عاجلاً أم آجلاً، فحياتك ليست ملكاً لك وحدك إنما هي ملكك وملك الآخرين، وبها تحيا مرتين، مرة بما قدمت للآخرين من أفعال وأقوال مفيدة، ولنبدد القول: «الحياة يوم لك ويوم عليك» بل الأيام كلها لك، إذا أحسنت استغلالها بما يرضي الله أولاً ثم دينك ومجتمعك وأن أكثر الناس عملاً أوسعهم زمناً، ولا يضيعون زمنهم في التردد والاختيار، ولا يكونون كرة في يد الظروف، تلعب بهم كيف تشاء، ولنتذكر قول الله عز وجل: «إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً» أليست هذه مفردات الحياة؟