سرق الموت قاسم محمد الذي يعد واحداً من أهم المخرجين المسرحيين العراقيين عن عمر ناهز 75 سنة، بعد صراع مع مرض عضال لأكثر من سنة، في إمارة الشارقة في دولة الإمارات أول من أمس. ولد محمد في بغداد عام 1934 وتخرج من قسم المسرح في معهد الفنون الجميلة عام 1962، ثم سافر الى موسكو وحصل على الدبلوم العالي في الإخراج من معهد الدولة للفنون المسرحية في موسكو عام 1968. ومن أهم إنجازات محمد مسرحية «النخلة والجيران» التي أعدها وأخرجها عام 1969، مأخوذة عن رواية بالاسم ذاته للروائي العراقي غائب طعمة فرمان، يعدها النقاد من أهم المسرحيات في تاريخ المسرح العراقي. وبوفاته يفقد المسرح العراقي واحداً من أهم أعمدته الذين أثروه طيلة نصف قرن مقدماً العشرات من الأعمال المسرحية، ففضلاً عن «النخلة والجيران» قدم أيضاً أعمالاً لا تزال منقوشة في الذاكرة العراقية والعربية مثل «تعلولة بغدادية» و «كان ياماكان» و «بغداد الأزل بين الجد والهزل» و «طال حزني وسروري في مقامات الحريري». ولم يرفد الفقيد المسرح العراقي فقط حيث ترك بصماته على المسرح العربي، فقد اخرج العديد من الأعمال في دول الخليج العربي ولعل أهمها المسرحيات الثلاث التي أخرجها في الإمارات، وهي «هولاكو» و «الواقع صورة طبق الأصل» و «القضية». وظل محمد يعمل في فرقة «مسرح الشارقة الوطني» 12 سنة من دون ان يمنعه المرض من العطاء وإثراء المسرح العربي فقد أسهم في دعم المكتبة المسرحية الاماراتية بالعديد من كتبه وبحوثه ومؤلفاته. واختير من قبل دائرة الثقافة والإعلام في إمارة عجمان في دولة الإمارات بوصفه الشخصية الثقافية الأبرز لعام 2008. ولم تنسه مسارح بغداد التي فارقها منذ عقد ونيف حيث سميت دورة العام الماضي لمهرجان الطفل باسمه لأنه من المؤسسين لهذا النوع من المسرح. وأهم ما ميز المخرج استلهامه للماضي وقدرته الفائقة على عكسه في مسرحياته في شكل جذاب. ولم يقتصر عمله على المسرح فهو ممثل وكاتب تلفزيوني كتب العديد من الأعمال الدرامية، كما ترجم العديد من المسرحيات العالمية عن اللغة الروسية، ونال العديد من الجوائز العربية والعالمية فقد حصلت مسرحيته «حكاية الأرض والعطش والناس» على جائزة أفضل تأليف وأفضل اخراج في احتفالات يوم المسرح العالمي في بغداد عام 1982 وحصلت مسرحية «العودة» على جائزة أفضل اخراج عام 1988. كما نالت مسرحيته «الباب» جائزة أفضل نص وأفضل اخراج ضمن عروض الفرق المحترفة في مهرجان قرطاج المسرحي في تونس عام 1987.