في الوقت الذي تبادل فيه عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بعض مقاطع الفيديو لنساء قدن مركبات ضمن حملة «26 أكتوبر»، ظهر آخرون بتغريدات مطالبة بضرورة تحرك الجهات الأمنية للتوصل إلى من حرضوا على مهاجمة النساء في حال خروجهن للقيادة، معتبرين أنهم أسهموا في ترهيب المجتمع بما يطالبون به. وتأتي هذه المطالبة بعد انتشار تغريدات تطالب بضرب المرأة التي تقود سيارتها، بل امتد الأمر ليصل إلى المطالبة بقتلها في تغريدة انتشرت أمس، ما دفع عدداً من المغردين للتأكيد على أهمية المعاملة بالمثل، والعمل على الحد من موجة التهديدات والمطالبات التي تأتي مناهضة لحملة قيادة السيارة. وجاء من بين التغريدات التي ظهرت عبر «تويتر»، والتي كانت في معظمها بأسماء مستعارة، ما ذُكر عبر أحدها: «فليكن شعارنا جميعاً جلد المطالبات بالقيادة»، فيما ظهر حساب آخر ليكتب: «أقولها بكامل قواي العقلية، يجب قتل كل من تقود السيارة الآن». واستبعد المدون السعودي طراد الأسمري، أن يكون لتلك التغريدات وشاكلتها تأثير سلبي في الحملة والراغبات في القيادة، معتبراً أن الحسابات التي غردت ببعض التغريدات المحرضة في معظمها مزيفة، وتهدف إلى إفشال مشروع قيادة المرأة. وقال ل«الحياة»: «ما حدث من إساءات وآراء مضادة متطرفة لم يحدث تأثيراً في الحملة، فمثل هذا النوع من التغريدات يجب أن يتم تجاهله، وألا يؤخذ بجدية، لكن ما يجب أن يحدث هو الرصد والمتابعة للحسابات المحرضة والتوصل لها ومعاقبتها، كونها خالفت القانون وخالفت نظام الجرائم الإلكترونية، بل إن أحد الحسابات اعترف باختراقه لموقع حملة القيادة علناً، لكن من دون محاسبة»، منوهاً إلى أن معظم المطالبات بالقيادة شددن على ضرورة احترام بيان وزارة الداخلية وتجنب مخالفته. بدوره، شدد المستشار القانوني محمد السنيدي على ضرورة تطبيق العقوبات اللازمة على أصحاب الحسابات التي مارست التحريض عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، معتبراً أن هذا التحريض قد يمتد إلى الفتنة. ودعا الجهات المختصة إلى تتبع هذه الحسابات، ورصد ما أطلقته من إساءات، لكنه في الوقت ذاته اعتبر أن تكوين حملة «قيادة 26 أكتوبر» مخالفة قانونية صريحة، مرجعاً ذلك لكونها تسهم في إحداث ارتباك وقلق اجتماعي. وأضاف: «ما ظهر من تغريدات مسيئة يجب محاسبة أصحابها لما أبدوه من تحريض، والقوانين والعقوبات في هذا الشأن موجودة، فالمسألة ليست صراعاً، وبالتالي لا يجب التعامل معها في هذا الشكل السلبي، وأعتقد أن هذا الاحتقان من البعض يعود إلى الثقافة الذكورية في مجتمعنا، إضافة إلى الخطاب الديني الذي يسيطر عليه دعاة من القُصاص ممن يختارون المواعظ والأحاديث الضعيفة التي تعطي الجانب الذكوري السيطرة وتُضعف الجانب الأنثوي، لذا أرى أن القيادة مسألة وقت، لكنها تتطلب تنشئة اجتماعية مناسبة، فالجيل الحالي يبدو أنه غير مستعد لتقبل الأمر بأريحية». وأوضح السنيدي أن سلوك التحرش بالنساء موجود في دول عدة وبنسب متفاوتة، مشيراً إلى أن الحد منه يتطلب توعية اجتماعية، منتقداً أسلوب تكوين حملة قيادة السيارة. وأشار إلى أن غالبية النساء اللائي طالبن بالقيادة انطلقن من جانب الرفاهية وليس الضرورة، مضيفاً: «وتكوين مثل هذه الحملة قد يخل بالراحة الاجتماعية، لذلك كان بيان وزارة الداخلية مناسباً، فالقرار لا يمكن أن يُحل بهذه الطريقة، فالأمور تؤخذ بالتدرج».