أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن اشتباكات عنيفة دارت خلال الساعات الماضية بين مقاتلين أكراد وعناصر جهاديين مرتبطين بتنظيم «القاعدة» في شمال شرقي سورية، سيطر خلالها الأكراد على قريتين في محيط بلدة اليعربية الحدودية مع العراق والتي يحاولون التقدم نحوها. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»: «اندلعت اشتباكات قبيل منتصف ليل الأربعاء الخميس بين مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي من جهة، وعناصر الدولة الاسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة وكتائب أخرى، إثر هجوم بدأته وحدات الحماية» على مقار الجهاديين في محيط اليعربية في محافظة الحسكة. وأوضح ان «الغاية من الهجوم الاستيلاء على اليعربية» الواقعة تحت سيطرة «الدولة الإسلامية» والتي يوجد فيها معبر حدودي مع العراق. وأشار إلى أن الاشتباكات التي استمرت قرابة 12 ساعة «أدت إلى سيطرة المقاتلين الأكراد على قريتي المزرعة والسيحة في محيط اليعربية»، متحدثاً عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. وتمثّل اليعربية الحدودية أهمية للطرفين، إذ تشكّل معبراً للمقاتلين والذخيرة. وتتيح هذه البلدة تواصلاً للأكراد مع أقرانهم في كردستان العراق، في حين يرى الجهاديون فيها نقطة وصل مع غرب العراق حيث يحظى المقاتلون المرتبطون ب «القاعدة» بنفوذ واسع. وشهدت مناطق واسعة في شمال سورية وشمال شرقها لا سيما قرب الحدود التركية والعراقية، معارك شرسة خلال الأشهر الماضية بين المقاتلين الأكراد التابعين في غالبيتهم إلى حزب الاتحاد الديموقراطي وبين الجهاديين. ويرى محللون أن الأكراد يسعون إلى تثبيت سلطتهم الذاتية على الأرض والموارد الاقتصادية في المناطق التي يتواجدون فيها، ومنها الحكسة الغنية بالنفط، في استعادة لتجربة أقرانهم في كردستان العراق. أما «الدولة الإسلامية» التي يتزعمها العراقي أبو عمر البغدادي، فتسعى الى بسط سيطرتها على المناطق الحدودية مع تركيا والعراق، وطرد أي خصم محتمل لها منها، بحسب محللين. في غضون ذلك، بدأ التيار الكهربائي بالعودة تدريجياً الى مناطق سورية عدة أبرزها دمشق، بعد انقطاعه ليل الاربعاء - الخميس بسبب اعتداء طاول خط غاز يزود محطة حرارية اساسية قرب مطار دمشق الدولي، بحسب ما أفادت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا). ونقلت الوكالة أمس الخميس عن وزير الكهرباء عماد خميس قوله إن «التيار الكهربائي بدأ بالعودة تدريجياً وبشكل نسبي الى بعض المحافظات بعد تأمين مصادر وقود بديلة». وأفاد سكان في دمشق وكالة «فرانس برس» أن التيار الكهربائي بدأ بالعودة تدريجياً منذ مساء الاربعاء، وان غالبية أحياء العاصمة استعادت التغذية صباح الخميس، في حين ما زالت الكهرباء مقطوعة في بعض الضواحي. وأضاف خميس ان «ورشات الصيانة تتابع عملها لإصلاح الاضرار الناجمة عن الاعتداء الارهابي على خط الغاز المغذي لمحطات توليد الكهرباء في المنطقة الجنوبية واعادة التيار الكهربائي الى وضعه الطبيعي خلال 48 ساعة». كما نقلت «سانا» عن وزير النفط والثروة المعدنية سليمان العباس قوله إن ورش الصيانة «تعمل بالتوازي لاصلاح المقطع المتضرر من خط الغاز». وكانت «سانا» افادت ليلة الأربعاء أن «اعتداء ارهابياً» استهدف خط غاز يغذي محطة لتوليد الكهرباء في المنطقة الجنوبية، ما ادى الى انقطاع التيار عن مناطق واسعة ابرزها العاصمة دمشق. ويستخدم النظام والاعلام الرسمي السوريين عبارة «ارهابيين» للاشارة الى المقاتلين المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد. وأفاد مراسل ل «فرانس برس» في دمشق ليلة الاربعاء انه شاهد كتلة لهب ضخمة ترتفع فوق منطقة قريبة من مطار دمشق الدولي القريب من محطة الكهرباء التي تعرف بمحطة تشرين الحرارية. وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن في اتصال هاتفي مع «فرانس برس» من بيروت الاربعاء: «يبدو ان هذه عملية واسعة النطاق جرى التخطيط لها بعناية». وأشار إلى ان الانقطاع في التيار طاول مناطق في حلب (شمال) وحمص (وسط). وكانت مناطق سورية عدة شهدت في ايلول (سبتمبر) الماضي انقطاعاً شاملاً في التيار الكهربائي جراء هجمات على خطوط التوتر العالي. وكان خميس قدّر في تموز (يوليو) الماضي حجم الاضرار التي لحقت بقطاع الكهرباء جراء «الاعتداءات الارهابية» بنحو 80 بليون ليرة سورية (400 مليون دولار) منذ بدء النزاع السوري منتصف آذار (مارس) 2011. وتراجعت التغذية بالكهرباء في مناطق واسعة خلال العامين الماضيين، في خطوة تعزوها السلطات الى «اعمال تخريب» يقوم بها المقاتلون المعارضون، اضافة الى صعوبة ايصال الوقود الى المحطات الكهربائية. وأفاد التلفزيون السوري الحكومي أمس أن شخصاً واحداً قُتل و43 آخرين أصيبوا بجروح بتفجير سيارة مفخخة في أحد احياء مدينة حمص. وأشار التلفزيون في شريط إخباري عاجل إلى سقوط «شهيد و43 جريحاً بينهم نساء واطفال» في «التفجير الارهابي الذي استهدف بسيارة مفخخة شارع الاهرام عند دوار النزهة» في جنوب حمص. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» في بريد الكتروني عن وقوع التفجير في الحي «الذي تقطنه غالبية من الطائفة العلوية»، وهي الاقلية الدينية التي ينتمي اليها الرئيس الأسد. واستعادت القوات النظامية بعد حملات عسكرية شرسة، غالبية أحياء مدينة حمص، وتفرض حصاراً مشدداً على احياء في وسط المدينة. القوات السورية تستعيد بلدة مهمة ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر عسكري في دمشق أمس تأكيده أن القوات النظامية استعادت السيطرة على بلدة حتيتة التركمان القريبة من طريق مطار دمشق الدولي والتي تشكل صلة وصل بين معاقل مقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية والغوطة الغربية. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن ما لا يقل عن 25 عنصراً من القوات النظامية و17 من المعارضة المسلحة قتلوا خلال اشتباكات وقعت في الايام الثلاثة الماضية في المنطقة. وقال المصدر العسكري ان «المعارك بدأت يوم (أول من) أمس للسيطرة على حتيتة التركمان وتم اليوم (أمس) انجاز العمل بشكل تام حيث تم طرد المسلحين منها بشكل كامل». وأضاف ان البلدة الواقعة جنوب شرقي دمشق «هي احد المراكز المهمة بالنسبة الى الارهابيين وتجمعاتهم وتمركز القيادات فيها، كما يوجد فيها بعض المواقع العسكرية التي استعادها الجيش». وأوضح ان العملية «من شأنها تضييق الخناق اكثر فأكثر على الارهابيين في الغوطة الشرقية، وتندرج ضمن سياسة القضم التي يعمل عليها الجيش للسيطرة على الغوطة الشرقية». كما تشكل البلدة «معبراً يربط بين الغوطتين الشرقية والغربية، والعملية تصب ضمن اطار قطع شرايين الإمداد والدعم التي كانوا يستخدمونها بين المنطقتين وصولاً الى الجهة الجنوبية حتى الحدود الاردنية»، وفق المصدر. وعرض التلفزيون الرسمي السوري لقطات من البلدة التي تبعد قرابة 15 كيلومتراً عن العاصمة، اظهرت شوارع مقفرة غطاها الركام والدمار. ووضعت على بعض المفترقات وقرب مسجد سواتر ترابية قال المراسل ان مقاتلي المعارضة نصبوها للاحتماء خلال المعارك. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان في بريد الكتروني ان «القوات النظامية مدعومة بعناصر من «حزب الله» اللبناني سيطرت على نحو 70 في المئة» من البلدة إثر اشتباكات عنيفة «مع مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة» المرتبطتين ب «القاعدة» وكتائب أخرى.