طالبت دراسة حديثة بضرورة تنظيم الوقف بعيداً عن سلطة الحكومات، نظراً إلى ما ظهر من فشل بعض الإدارات الحكومية في مجال قطاع الأعمال، واعتبار الأوقاف أموالاً خاصة تدار بطريقة معينة. وأشار الأمين العام لأوقاف جامعة الأمير سلمان بن عبدالعزيز بالخرج الدكتور عبدالرحمن الجريوي في بحث له (حصلت «الحياة» على نسخة منه) إلى أنه يجب إعادة النظر في القوانين والتشريعات التي تحكم الوقف وتنظيمها في ضوء آراء الفقهاء، والعناية بوضع نصوص صارمة للحفاظ على أموال الوقف، وأهمية الأخذ بالوسائل المشروعة التي يتم من خلالها تفعيل الأوقاف وزيادة عوائدها الاستثمارية. وأشارت الدراسة إلى أهمية استحداث مشاريع وقفية متوائمة مع حاجات المجتمعات الإسلامية، وضرورة تحويل الإسهامات الفردية في مجال الوقف إلى عمل مؤسسي مقنن، له ضوابطه وشروطه، يتحقق من خلالها حفظ أصول الوقف وصيانتها وتنفيذ شروط الواقفين، إضافة إلى ضرورة دراسة معوقات الوقف في العصر الحاضر، وسبل النهوض بها وضرورة إنشاء مراكز متخصصة في بحوث الأوقاف ودراستها، وتوفير البيئة النظامية الملائمة للجهات الوقفية تشجيعاً لها للقيام بواجبها المأمول. وأوضحت الدراسة أن الأوقاف وزيادتها علامة واضحة على رقي الأمة وحضارتها، وارتباط الأوقاف بتنمية المجتمعات، وأثرها في تحقيق التكافل الاجتماعي بين أفرادها. وإسهام الأوقاف في التنمية الاقتصادية للأمة، وأثره البين في تنويع فرص العمل. وأشارت إلى الأثر الواضح والكبير للأوقاف في علاج كثير من المعضلات الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية، ورعاية العاجزين وذوي الاحتياجات الخاصة. وطالبت الدراسة بأهمية الإفادة من تجارب الدول الغربية في عملية استثمار الأوقاف وتنميتها وزيادة عوائدها الاستثمارية، ومبادرة رجال الأعمال الغربيين إلى الوقف، واعتبار ذلك واجباً اجتماعياً، إضافة إلى ضخامة التجربة الغربية وتميزها في العمل الوقفي الخيري، وذلك من حيث قيامها على أساس العمل المؤسسي المنظم. من جهة اخرى، طالب المشاركون في ملتقى تمويل الأوقاف وحوكمتها والذي نظمه الوقف العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز بالتعاون مع كرسي الشيخ راشد بن دايل لدراسات الأوقاف بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بإنشاء شركة لتمويل صكوك الأوقاف وإنشاد صناديق استثمارية وقفية، وتخصيص دوائر وقضاة متخصصين للأوقاف في المحاكم بهدف تسريع قضايا الأوقاف وتدريب القضاة على أحكام الوقف، وتوفير نماذج جاهزة للأوقاف. ودعا المشاركون الجامعات لتمويل أوقافها ومنحها استقلالية إدارية، مشددين على أهمية استثمار الأموال الوقفية في استثمارات قليلة المخاطر ودعم الدراسات الوقفية وتوجيه طلاب الجامعات للدراسات الوقفية. وكان الملتقى الذي افتتحه مدير جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة طيب في مكتبة الملك فهد العامة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة تحت شعار «نحو تطوير صناعة الأوقاف» قد شهد حلقتي نقاش تحضيريتين لمشروعي «حوكمة الأوقاف» و«وقف الأوقاف» وجلسة حوارية حول تطوير صناعة الأوقاف وحضور عدد من أساتذة الجامعات ورجال الأعمال والمهتمين والممارسين في مجال الأوقاف. وبيّن الدكتور عبدالله العمراني خلال افتتاحه حلقتي النقاش أن الملتقى يأتي ضمن الخطة التشغيلية للكرسي لعام 2014 والمعتمدة من مجلس كراسي البحث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتفعيلاً لمذكرة التعاون بين الكرسي والوقف العلمي. وبدأت حلقة النقاش الأولى للملتقى بمشروع : «حوكمة الأوقاف» قدم فيها الباحث الخبير الاقتصادي في مجال الأوقاف الدكتور فؤاد العمر عرضاً تعريفياً لمشروع حوكمة الأوقاف، متضمناً اتجاهات الحوكمة في الإسلام وفي إدارة الأوقاف، والإشارة إلى تطور اتجاهات الحوكمة ومجالاتها في العصر الحديث، واستعراض واقع الحوكمة في بعض مؤسسات الوقف ومجالات تطبيق الحوكمة في مؤسسة الوقف، إضافة إلى القواعد المقترحة لتطبيق الحوكمة في مؤسسة الوقف. وأشار إلى أن من مخرجات الدراسة صياغة 240 مبدأ من مبادئ حوكمة الأوقاف وأن كثيراً من الخلل في واقع المؤسسات الوقفية ناتج من عدم أخذها بمبادئ وقواعد الحوكمة، مؤكداً أهمية الرقابة على تنفيذ استراتيجية المؤسسة الوقفية والموافقة على الخطة التنفيذية السنوية ومتابعة تطبيقها ومتابعة المخاطر وخطط العمل التفصيلية وتحديد أهداف الأداء ومراقبة التنفيذ والأداء ومتابعة النفقات الرأسمالية أو أي أمور تؤثر تأثيراً جوهرياً على أداء المؤسسة الوقفية وسمعتها. «وقف الأوقاف» مركب إضافي لصيانة الأوقاف المتعثرة اختتم ملتقى تمويل الأوقاف وحوكمتها بحلقة النقاش الثانية وكانت حول مشروع «وقف الأوقاف» قدم فيها الباحث في المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب في البنك الإسلامي للتنمية الدكتور عبدالله محمد عرضاً تعريفياً للمشروع متضمناً مفهوم وقف الأوقاف ومشروعيته، واستعراض الصور التاريخية له وتطبيقاته المعاصرة، إضافة إلى تطوير منتج وقف الأوقاف. وأشار الدكتور عبدالله محمد إلى أن وقف الأوقاف مركب إضافي يقصد به إنشاء أوقاف جديدة يخصص الواقفون ريعها لصيانة الأوقاف المتعثرة وإعادة تأهيلها، وأنه لم يرد لفظ «وقف الأوقاف» في المدونات الفقهية والمصادر التاريخية القديمة بمفهومه المذكور آنفاً، وإن ورد بمعنى إنشاء الناس الأوقاف وإقامتهم لها على وجه العموم فهو من قبيل إضافة المصدر إلى مفعوله، مبيناً أنه من التطبيقات المعاصرة للوقف على الأوقاف وقف الملك عبدالعزيز على الحرمين الشريفين.