وجهت المملكة العربية السعودية انتقادات لاذعة الى مجلس الأمن، وذلك للمرة الأولى منذ إعلانها رفض عضوية المجلس الأسبوع الماضي. واستخدم سفيرها لدى الأممالمتحدة عبدالله المعلمي في خطابه خلال الجلسة المخصصة لمناقشة قضايا الشرق الأوسط كلمات مثل «التراخي» و»عدم تحمل المسؤولية». وطالب ب»فرض وقف شامل لإطلاق النار في جميع الأراضي السورية وحظر استخدام الطيران الحربي والصواريخ والأسلحة الثقيلة مع تبني آلية لمراقبة وقف إطلاق النار تحت إشراف الأممالمتحدة». وقال إن «النظام السوري مستمر في شن حملة إبادة على الشعب مستخدماً كل أنواع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية التي قتل بواسطتها قرابة مئة وعشرين ألف إنسان وهَجَّرَ ما يزيد على ربع سكان سورية، وبلغت به الجرأة حد إستخدام الأسلحة الكيميائية ضد السكان العزل وهو ينام قرير العين مطمئناً إلى أن هذا المجلس الموقر لن يتمكن من ردعه وإيقافه عند حده وحماية مواطنيه الذين تخلى عن مسؤوليته في حمايتهم وذلك بسبب الإستخدام المتكرر لحق النقض». وأضاف: «عندما تحرك المجلس عقب مذبحة الغوطة التي ارتكب فيها النظام السوري جريمة قتل أكثر من ألف شخص بالأسلحة الكيميائية جاء الرد من المجلس قليلاً ومتأخراً وانصرفت أنظاره نحو الأسلحة الكيميائية وكيفية التخلص منها واختزلت قضية شعب يناضل من أجل حريته في جزئية الأسلحة الكيميائية». وأشار المعلمي الى أن مجلس الأمن بحث إيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها في سورية وإذ به يكتفى بإصدار بيان رئاسي دون أن يقول كلمته في قرار ملزم تحت طائلة العقوبات الرادعة على كل من يمارس إبتزازا أخلاقياً غير مسبوق يتمثل في حجب المساعدات الإنسانية عن مناطق ومدن وقرى بأسرها واستخدام سلاح التجويع إضافة إلى بقية الأسلحة الفتاكة التي يستخدمها النظام السوري». وشدد المعلمي في خطابه على أن «الأوان آن ليضع مجلس الأمن حداً فاصلاً وسريعاً لمعاناة الشعب السوري وألا يسمح للنظام السوري أن يستغل قرارات المجلس المتعلقة بعقد المؤتمرات ونزع الأسلحة الكيميائية وسيلة للمماطلة والتأجيل والتسويف». وحذر من أن «تأخر المجلس في المعالجة الحاسمة سيؤدي إلى تحول الحالة في سورية إلى ملف يناقشه المجلس شهراً بعد شهر أو عاماً بعد عام في الوقت الذي تتساقط فيه أجساد السوريين قتلاً أو تجويعاً أو تهجيراً». وأكد ضرورة «معالجة الموقف في سورية بشكل كامل وفوري من دون قصر النظر على تداعيات جريمة الغوطة ونزع الأسلحة الكيميائية السورية» فقط. ودعا الى اتخاذ «التدابير اللازمة لفرض وقف شامل لإطلاق النار في جميع الأراضي السورية وحظر إستخدام الطيران الحربي والصواريخ والأسلحة الثقيلة مع تبني آلية لمراقبة وقف إطلاق النار تحت إشراف الأممالمتحدة». وقال إن السوريين والعالم «لن ينسوا تجاهل المجتمع الدولي حل الأزمة حلاً جذرياً فاعلاً». وأكد أن «النظام السوري والقوى التي تآمرت معه على قتل الشعب وتسميمه بالغازات الكيميائية ينبغي ألا يكون لها مكان في تحديد مستقبله، ويجب أن تكون موضعاً للمحاسبة والمساءلة عن الجرائم التي إرتكبتها ضمن نطاق العدالة الدولية ومن خلال محكمة يقدم إليها كل من تلوثت أيديهم بدماء الأبرياء وكل من ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية أيا كانت إنتماءاتهم». وفي الشأن الفلسطيني قال المعلمي إن «مجلس الأمن منذ أكثر من 60 عاماً يواصل النظر في مأساة الشعب الفلسطيني فيما لا تزال إسرائيل مستمرة في إنتهاك القوانين الدولية وإنكار حقوقه كما تستمر معاناته في ظل غياب حل لهذا الصراع وعجز عن ترجمة قرارات الأممالمتحدة المؤكدة حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته إلى واقع فعلي على الأرض مما ينعكس سلباً على منطقة الشرق الأوسط وعلى السلم والأمن في العالم، ومما سمح لإسرائيل بالإستمرار في سياساتها الإستيطانية والإستمرار في إحتجاز آلاف الأسرى والإستمرار في إنتهاك حرمة الأماكن المقدسة والإستمرار في تهجير المواطنين الفلسطينيين خاصة في القدس الشريف والإستمرار في سياسة الفصل العنصرية والتطهير العرقي». وأضاف «كل ذلك يتم تحت أنظار مجلس الأمن دون أن يتحرك المجلس ليتحمل مسئولياته ويضع حداً للإحتلال الإسرائيلي الذي يكاد يكون الوحيد القائم في العالم بعد إنتهاء عهود الإستعمار وانحسار سياسة التفرقة العنصرية». وتساءل: «أما آن لمجلس الأمن أن يتخلى عن التراخي في القيام بدور أكثر فعالية وإيجابية لحل القضية الفلسطينية؟ أما آن لهذا المجلس أن يدرك ان استمرار الإحتلال الإسرائيلي يشكل اليوم كما شكل عبر العقود الماضية تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدوليين؟». وأكد أن المملكة العربية السعودية «التي كانت الراعي الأول لمبادرة السلام العربية تطالبكم أن تلتزموا بمسؤوليتكم التاريخية والإنسانية والأخلاقية حتى لا يفقد العالم أمله في السلام وثقته في مؤسسات العمل الدولي المشترك». وذكر المعلمي مجلس الأمن بضرورة «احترام مسؤولياته من خلال تنفيذ قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل». وقال إن المجلس «تراخى في تنفيذ الإلتزام الدولي بعقد مؤتمر خاص لهذا الغرض قبل نهاية عام 2012 وإننا نقترب الآن من نهاية عام 2013 من دون أن تلوح في الأفق بارقة أمل بعقد هذا المؤتمر، الأمر الذي يثير في أذهان شعوب منطقتنا المحبة للسلام التساؤل عن الجدوى من القرارات الدولية إذا لم يتمكن المجتمع الدولي ممثلاً في مؤسساته من تنفيذ أبسط تلك القرارات وهو الدعوة إلى عقد مؤتمر إتفق الجميع على إنعقاده بسبب إعتراض دولة واحدة على ذلك وهي إسرائيل». وناشد المعلمي مجلس الأمن ورئيسه وأعضاءه «المبادرة إلى استعادة ثقة شعوب العالم في مؤسسات العمل الدولي المشترك».