هجر السعوديون وحداتهم السكنية في الأحياء الراقية والمتوسطة التي تقع في شمال جدة، وقرروا العودة إلى عشوائيتها مرغمين بسبب ارتفاع أسعار إيجارات الوحدات السكنية بشكل لافت في الآونة الأخيرة، إذ أصبح الإيجار يستقطع ما يزيد على 35 في المئة من دخولهم الشهرية. وبحسب عقاريون تحدثوا إلى «الحياة» فإن هذه الظاهرة برزت بسبب قلة المعروض من الوحدات السكنية داخل جدة، مقارنة بالطلب عليها، الذي ارتفع في السنوات الأخيرة بسبب نزاع الملكيات للمنفعة العامة وإنشاء مشاريع البنية التحتية كمشروع كقطار الحرمين ومشاريع تصريف مياه السيول. وقال العقاري رئيس لجنة الثمين العقاري في الغرفة التجارية الصناعية في جدة عبدالله الأحمري ل«الحياة»: «إن محافظة جدة تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الوحدات السكنية المخصصة لإيجار، التي لا تناسب أسعارها ذوي الدخل المحدود والكثير من أبناء الطبقة المتوسطة في جدة». مشيراً إلى أن أسعار إيجارات الوحدات السكنية أصبحت تشكل ما يزيد على 35 في المئة من دخول الكثير من الأسر السعودية وهو ما دفع الغالبية منهم إلى الهجرة إلى المناطق العشوائية وسط المدينة التي تعد أسعار إيجارتها مقبولة وفي متناول الجميع». وزاد: «إن السعوديون أصبحوا يفضلون السكن في الأحياء العشوائية وسط المدينة التي لا تقتطع إيجار وحداتها من رواتبهم أكثر من 20 في المئة». منوهاً في الوقت ذاته بأن نسب هجر السعوديون للسكن في المناطق العشوائية بلغت 10 في المئة في الوقت الحالي. وحدد الأحمري أسباباً تسهم مجتمعةً في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية في المحافظة منها: ارتفاع أسعار الأراضي المخصصة لعمائر السكنية في الأحياء الحديدة التي تشكل 60 في المئة من تكاليف إنشاء المبنى السكني. وأضاف: «إن ارتفاع تكاليف البناء لعمائر أسهم في رفع إيجارات وحداتها، إضافة إلى لجوء وتنافس أصحاب العمائر متوسطة العمر إلى إعادة ترميمها وعمل إصلاحات داخلية بها، ومن ثم رفع إيجار وحدتها بذات قيمة الوحدة الحديثة أو أقل منها بقليل، ولكن تظل أعلى مما كان عليه في السابق». موضحاً أن عملية الترميم يسبقها إنذار لمستأجرين القدماء وإخلاء وحدتها السكنية. واستطرد بالقول: «إن من الأسباب الرئيسة التي أسهمت في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية قلة إعدادها قياساً بارتفاع الطلب عليها الذي تزامن مع نزاع الملكيات للكثير من العقارات السكنية داخل المحافظة لمنفعة العامة كمشروع قطار الحرمين الذي دخلت فيه نحو 8 أحياء وسط المدينة، منها الصالحية ومخطط الحمدانية ومخطط الحرمين والعزيزة، إضافة إلى أكثر من 120 قطعة أرض تم نزع ملكياتها لمشاريع تصريف السيول في المحافظة». ويرى الأحمري أن من الأسباب التي أسهمت في رفع قيمة العقار في جدة هو تصريحات وزارة الإسكان التي في الغالب يتبعها ارتفاع في سعر العقارات، وقال: «إن أسعار العقارات كانت ثابتة داخل المحافظة، بل إن حركة البيع والشراء في العقار كانت قليلة في عام 2011، ولكن بعد الإعلان عن مشروع أرض وقرض بدأت الأسعار ترتفع داخل المحافظة ولا سيما خلال هذا العام 2013، وتحديداً خلال الشهرين الماضين». منوهاً إلى أن من الحلول هو تفعيل الأمور الملكية، خصوصاً في ما يتعلق بمشاريع وزارة الإسكان سواء من مشروع أرض وقرض أو مشاريع الوحدات السكنية التي ستسهم في خفض أسعار العقارات بشكل كبير». أما في ما يخص الحلول المقترح لحل مشكلة ارتفاع أسعار الإيجارات فأشار الأحمري إلى أن أفضل تلك الحلول هو العقد الموحد للإيجار للوحدات السكنية في جميع المدن السعودية على أن تتم عملية الدفع عن طريق نظام سداد عبر المصارف السعودية. وقال عضو الجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة خالد الغامدي في حديثه إلى «الحياة» إن السبب الرئيس في ارتفاع الإيجارات داخل محافظة جدة يمكن في عزوف المستثمرين العقاريين من بناء العمائر المخصصة للإيجار بسبب ارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء. وقال: «إن الغالبية من المطورين العقاريين في جدة اتجه إلى بناء الفلل السكنية المخصصة للبيع ولا سيما أن غالبية المخططات شمال المحافظة السكنية التي تعد أسعارها مقبولة نوعاً ما، قياساً بالمخططات الأخرى»، منوهاً بأن غالبية المخططات الحديثة في شمال جدة مخصصة للفلل بحسب الترخيص البلدية، وهذا أسهم في قلة المعروض من الوحدات السكنية المخصصة للإيجار. مؤكداً في الوقت ذاته أن المستثمرين في المجال العقاري من الراغبين في بناء العمائر السكنية أصبحوا يفضلون عرض وحداتها للبيع بدلاً عن الإيجار.