هيمنت أعمال عنف ومواجهات بين قوات الأمن المغربية ونشطاء يدعمون جبهة «بوليساريو»، على زيارة الموفد الدولي كريستوفر روس إلى المحافظات الصحراوية. وأفاد شهود عيان بحدوث مواجهة على خلفية تظاهرات في العيون، كبرى مدن الصحراء الغربية، تحولت إلى قلاقل بعد رشق قوات الأمن بالحجارة ما أدى إلى سقوط ضحايا. ونفت السلطات المغربية اتهامات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان للقوات المغربية في العيون، بارتكاب «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان». وأفاد بيان صدر عن محافظة العيون أول من أمس، بأن نحو 400 شخص توزّعوا ضمن مجموعات دخلوا في لعبة كر وفر مع قوى الأمن في أماكن متفرقة، مضيفاً أن هؤلاء الأشخاص حاولوا تنظيم تظاهرات من دون الحصول على ترخيص من السلطات المحلية، «وشرعوا في رشق القوات العامة بالحجارة والزجاجات الحارقة وإضرام النار في إطارات السيارات، كما أقاموا متاريس في بعض الأزقة معرقلين بذلك حركة التنقل». وربط البيان بين تلك المناوشات وزيارة روس للمنطقة، متهماً المتظاهرين بالسعي للتشويش على الزيارة «بافتعال أعمال الشغب والعنف وإلحاق أضرار بالممتلكات الخاصة والعامة، لاستفزاز قوات حفظ النظام، ليتسنى لها بعد ذلك اتهامها بالاعتداء عليها وانتهاك الحقوق». وأكدت محافظة العيون أن قوى الأمن تعاطت ب «مسؤولية ورزانة وضبط نفس وباحترام تام للقوانين مع تلك الاستفزازات وأعمال الشغب». وأضافت أن بعض ذوي النيات السيئة نشروا «إشاعات مغرضة» تتهم قوى الأمن بمداهمة بعض البيوت، نافية بشدة حدوث أي مداهمة للمنازل، ومؤكدة أن «تدخل القوات العمومية خارج القانون خرق وستتم معاقبته». وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اتهمت القوات المغربية في العيون بارتكاب «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان». وتحدث تقرير صادر عن الجمعية الأحد، عن «سقوط عشرات الجرحى نتيجة التدخلات الأمنية العنيفة ضد مواطنين» إثر محاولتهم «تنظيم وقفات ومسيرات سلمية». ونقل التقرير عن بعض المواطنين أنه تم «اقتحام المنازل وإساءة معاملة المواطنين والعبث بمحتويات المنازل واختطاف شبان من منازلهم». وقال مبارك دعلان ممثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في مدينة السمارة (220 كلم عن العيون)، «وفق المعطيات التي جمعناها حتى الآن، أصيب 20 مواطناً بينهم قاصر إصابته بليغة، وقد استعملت الحجارة في المواجهات بعد التدخل العنيف لقوات الأمن قبل تجمهر الناس، لكن لم تقتحم المنازل كما حصل في العيون». وأضاف مبارك «طالبنا خلال لقائنا بروس، بالتعجيل بإيجاد آلية أممية لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء ومخيمات تندوف على حد سواء». وحرص الموفد الدولي على الاجتماع مع فعاليات، ضمت شيوخ قبائل ومنتخبين محليين ونواباً وممثلي السلطة، إضافة إلى نشطاء في تنظيمات غير حكومية، عرضت إلى تطورات ملف الصحراء. كما زار روس مدينة السمارة، العاصمة الروحية للإقليم، للمرة الأولى. وأوضحت المصادر أن اجتماعات روس تطرقت إلى البحث في صيغة جديدة لإشراك ممثلين عن السكان يتحدرون من أصول صحراوية في مسار المفاوضات العالقة، في ضوء اتفاق حول انضمام شخصيات جديدة إلى المفاوضات. وجاءت زيارة روس إلى العيون ثم السمارة والداخلة، بعد جولة قام بها إلى مخيمات تيندوف، جنوب غربي الجزائر. كما أجرى محادثات في الرباط مع كل من رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران ووزيري الخارجية صلاح الدين مزوار والداخلية محمد حصاد ورئيسي مجلسي النواب كريم غلاب والمستشارين محمد الشيخ بيدالله المتحدر من أصول صحراوية. وهذه هي المرة الأولى التي يتوجه فيها روس إلى تيندوف، ثم يعود إلى المحافظات الواقعة تحت نفوذ المغرب، ما يرسخ الاعتقاد في أنه بصدد إكمال عناصر الصيغة المقترحة التي سيعرضها على مجلس الأمن نهاية الشهر الجاري. وعلى رغم تباعد المواقف بين الأطراف المعنية إزاء أرضية المفاوضات المرتقبة يرغب الموفد الدولي في اختراق جدار عدم الثقة، من خلال إشراك فعاليات جديدة في مفاوضات ترعاها الأممالمتحدة، من دون أي شروط مسبقة. وتدرجت مساعي إحلال الثقة بين تنظيم زيارات متبادلة للعوائل بين تيندوف والمحافظات الصحراوية والبحث في زيادة أعداد المستفيدين من بعدها الإنساني، وبين إشراك صحراويين في المفاوضات. وأكدت المصادر أنه لا يوجد أي تصور أو اقتراح جديد خارج السعي إلى تنفيذ قرارات الأممالمتحدة التي تراهن على إنهاء النزاع عبر «حل سياسي وفاقي». إلى ذلك، وصف وزير السياحة المغربي لحسن حداد استمرار إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر بأنه «كابح» أمام الاندماج المغاربي وآفاق التعاون بين دوله. وأوضح في مناظرة دولية استضافتها بروكسيل أنه لا يمكن توقع أي دمج أو تكامل من دون إعادة فتح الحدود وتأمين تنقل الأشخاص والبضائع بكل حرية. ورهنت الجزائر في وقت سابق بحث ملف الحدود العالقة بتسوية قضية الصحراء وإنهاء المشاكل الثنائية، فيما تراجعت موجة التفاؤل التي سادت علاقات البلدين، إثر تبادل زيارات قطاعية محدودة التأثير.