حالف الحظ رئيس دائرة القرآن والدراسات الإسلامية بجامعة القدسالفلسطينية الدكتور عروة صبري في القدوم للمرة الرابعة لأداء فريضة الحج، رغم الحظر الذي يطال زملاءه من الأكاديميين الشرعيين الذين يمنعون سنوياً من السفر إلى مكةالمكرمة لدواع أمنية من حكومة الاحتلال الإسرائيلي، التي تمارس دوراً تسلطياً على التحركات والممارسات الدينية. وبالقرب من الجمرات بمشعر منى، يؤكد عروة الذي شارف على عتبة ال42 عاماً من عمره، معاناة أكاديميين شرعيين في السفر خارج القطر المحتل، إذ يمنعون بشكل دوري من شد الرحال إلى المشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج، إضافة إلى سلسلة الاعتقالات التي تطالهم لمنع التطور العلمي بين الأوساط الفلسطينية. ويرى أن الحج موسم رمزي يدل على التضحية، وأن المنع من السفر إلى أداء المناسك أو أي مظهر احتلالي تسلطي يؤذي أبناء فلسطين، هو جزء من تلك الرمزية العظيمة، مقدماً رسالة إجلال وإكبار إلى الأم الفلسطينية التي فقدت ابنها في سجون الاحتلال أو ذهب ضحية قصف، التي قدمت وبذلت أفضل من غيرها، لأنها ابتليت بالتضحية والفداء، «هي صاحبة الأفضلية .. أنتِ بمنزلة الخنساء». ويضيف عروة الذي ولد عام 1972، في شارع صلاح الدين الأيوبي الذي يمثل قلب القدس التجاري: «الأكاديمي يعاني اضطهاداً من الاحتلال الإسرائيلي كسائر الفلسطينيين، بيد أن الاضطهاد لهذه الفئة تكون أشد وأكبر، ومنهج الاضطهاد والتسلط منهج مستمر يمارس بأكثر من صورة، ليثبت على المستوى النفسي أن الإسرائيليين يملكون السلطة في القدس». ويصف تسلط سلطات الاحتلال بأنهم منعوا الوصول إلى مساجد الله ويسعون ألا يذكر فيها اسمه، وأنهم ظالمون طبقاً للقاعدة القرآنية، مشيراً إلى منع الحكومة الإسرائيلية النشاط العلمي لحلقات التحفيظ، رغم أنها أنشطة تعبدية محضة، ولا تؤثر على الجوانب الأمنية لحكومة الاحتلال-على حد وصفه-. ويرى عروة الأب لخمسة أبناء، أن منع الأكاديميين والشرعيين الذين يعلّمون الناس مناسك الحج من أداء الركن الخامس فيه مفارقة محزنة، منوهاً بأن المعتدي ينوع في صور اعتداءاته، كسرقة الأرض من قبل، التضييق على النشاطات الأكاديمية، إضعاف الحركة العلمية، ومنع الممارسات الدينية. ويؤكد صمود الحركة العلمية في فلسطين رغم كل المضايقات، لوجود الإرادة لدى أبناء التراب العربي، مشيراً إلى أنه لا يتمنى إلا أن يحج أصغر أبنائه «قيم» الذي أكمل للتو عامه الثاني، دون تضييق أو اضطهاد. ويرجع عروة بذاكرته إلى الوراء، حيث شارع صلاح الدين الأيوبي مسقط رأسه، والذي يصفه ب «شارع التضحيات ذي الدلالة الرمزية»، مسهباً في وصفه «شارع صلاح الدين عبارة عن سوق وشارع حزين لأنك عندما تأتيه في المساء لا تجد أحداً بسبب الحصار، وهذا الشارع توجد فيه معاني الصمود وله رمزية في اسمه، وبقيت له هذه الرمزية، إنه شارع مليء بالتضحيات والصمود مثل كل شبر من أراضي فلسطين».