على امتداد نحو أربعين صفحة نشرتها صحيفة «مورنينغ» اليابانية الأسبوعية لرسوم المانغا، يروي عامل في محطة فوكوشيما عبر القصص المصورة الحياة داخل المحطة الذرية في شهادة يرى البعض أن كاتبها يبالغ في الإيجابية. وفي هذه القصة المصورة التي تتضمن القفازات والبزات والأقنعة والجزمات وواقيات الجزمات، يروي المؤلف كازوتو تاتسوتا (اسم مستعار) كيف أن عمال فوكوشيما الثلاثة آلاف، وهم في غالبيتهم موظفون في شركة «طوكيو الكتريكل باور» (تيبكو)، يعيشون يوماً بيوم في مجمع ذري مدمَّر. كازوتو تاتسوتا كان يقيم في منطقة طوكيو عند وقوع الكارثة في 11 آذار (مارس) 2010 مع الزلزال البالغة قوته تسع درجات على مقياس ريشتر والذي تلاه التسونامي الهائل الذي هدّد المجمع النووي الواقع على شاطئ المحيط الهادئ. يقول تاتسوتا: «أردت عندها أن أذهب إلى المحطة». في تلك الفترة كان يتنقل من عمل إلى آخر لأن رسومه لم تكن تؤمن له لقمة العيش. وقد غادر عمله الأخير في محاولة للحصول على وظيفة في فوكوشيما، بيد أن مسعاه لم يكن سهل المنال، فاحتاج إلى سنة لتحقيق ذلك. وأوكلت إليه مهمات مختلفة قرب المفاعلين الثاني والثالث اللذين ذابا ونفثا كميات كبيرة من المواد المشعة في الجو. إلا أنه كان متحمساً لأن زملاءه «كانوا أناساً طيبين» يحلو له العمل معهم. ويوضح المؤلف في مقابلة مع مجلة «فرايدي»: «في كل مرة كنت أقرأ فيها الصحف وأقع على معلومات كانت تبدو لي خاطئة في شأن ظروف العمل في محطة فوكوشيما كنت أتوق لنقل الحقيقة كما هي». ويروي تجربته باختصار في قصة مانغا بعنوان «1اف (ايشي-ايفو)» وهو لقب فوكوشيما داييشي (فوكوشيما رقم 1) حيث عمل رسام المانغا بين حزيران (يونيو) وكانون الأول (ديسمبر) 2012. ويتوقف خصوصاً عند التحضيرات الضرورية قبل دخول المحطة والإجراءات الاحترازية التي تضمن صرامة قياسات نسبة الإشعاعات. لكنه لا يقول شيئاً ملموساً عن المهمات التي يقوم بها، حرصاً منه ربما على عدم كشف هويته. لكنه ينتقد الصحافة التي تذكر بكثير من الإثارة «أكاذيب حول معاملة العاملين في المحطة». وباختصار فان الكاتب يقدم الوضع الذي عاشه بإيجابية نسبية. لكن ما هي رسالته؟ في الخلاصة، هو يريد القول إن فوكوشيما ليست الجحيم الذي توصف به في الصحف. وتاتسوتا ليس العامل الوحيد الذي يقدم شهادة إيجابية، فقد قام آخرون بذلك عبر «تويتر» أو وسيلة أخرى إلا أن الانطباع المعاكس هو الأكثر انتشاراً. يذكر أن قصة المانغا المصورة التي أنجزها تاتسوتا لم يطلبها أي طرف منه، بل رسمها بمبادرة منه وعرضها في مسابقة سنوية للمؤلفين الشباب في مجلة «مورنينغ» الأسبوعية المخصصة للمانغا والموجهة إلى البالغين. وفاز بالجائزة البالغة قيمتها مليون ين (7500 يورو) فضلاً عن نشر قصته.