الكنافة من الحلويات الشهيرة، ويقال إن صنّاع الحلويات في بلاد الشام ابتكروها أو اخترعوها خصيصاً من أجل تقديمها للخليفة معاوية بن أبي سفيان ليتناولها كطعام سحور فتمنع عنه الجوع الذي كان يشعر به أثناء الصيام، وقد ارتبط اسمها باسمه إلى درجة أنها سمّيت كنافة معاوية. إلا أن رواية أخرى تقول إن تاريخ الكنافة يعود إلى العصر الفاطمي، وأن المصريين عرفوها قبل أهل الشام، في زمن دخول الخليفة معز الدين لله الفاطمي القاهرة في شهر رمضان، إذ خرج الناس لاستقباله بعد الإفطار وهم يحملون على زنودهم أطباقاً عارمة من الكنافة المزينة بالمكسرات كمظهر من مظاهر الكرم. وبعد ذلك، أصبحت الكنافة سيدة الموائد في شهر رمضان. ونقل التجار سر صناعتها إلى أرض الشام فتفننوا في تحضيرها وأضافوا إليها الجبن والقشطة وأشياء أخرى فأصبحت لذيدة وزاد إقبال الناس عليها، خصوصاً عندما يهطل عليها القطر كالمطر الذي جعل الشاعر ابن نباتة لا ينساها: «ولم أنس ليلات الكنافة قطرها هو الحلو إلا أنه السحب الغزر يجود على ضعفي فأهتز فرحة كما انتفض العصفور بلله المطر». والكنافة كلمة عربية أصيلة تعني الحضن، أو الحرز، أو الرحمة، أو الستر. وهي مشهورة عند اليونانيين، ويعتقد بأنهم عرفوها نقلاً عن العرب، خصوصاً أنهم يصنعونها بالطريقة نفسها. وقد تنوعت أشكال الكنافة، وأشهرها التي تُحشى بالجبنة، وإذا حاولنا الغوص في بحر هذا النوع الشهير الذي يشط له لعاب الكثيرين، نجد أنها تحتوي على المواد الآتية: - السميد المصنوع من طحن حبوب القمح الخشن، وهو بخلاف الدقيق الأبيض الذي فقد أهم مزاياه، يظل محتفظاً بمقدار أكبر من المواد الغذائية الموجودة في قشرة حبة القمح، مثل المعادن (الحديد والفوسفور والسيليكون واليود)، والفيتامينات (خصوصاً فيتامينات المجموعة ب). - السمنة الحيوانية، وهي غنية بالأحماض الدهنية المشبعة التي ترفع مستوى الكوليسترول في الدم، وبالتالي تزيد خطر التعرض للأمراض القلبية الوعائية، ولهذا يجب أن يبتعد عنها البدناء والمصابون بارتفاع الكوليسترول. - الجبنة، وهي غنية بمعدن الكلس الضروري لبناء العظام والأسنان. وتحتوي على نسبة جيدة من المواد البروتينية الضرورية لبناء الخلايا وإصلاحها. كما تضم الجبنة بعض الفيتامينات المهمة، مثل الفيتامين أ، والفيتامين ب، والفيتامين د. وتوجد في الجبنة نسبة من الدهون المشبعة التي لا تناسب من يعاني من زيادة في شحوم الدم. - القطر، وهو خليط من السكر المركز مع الماء المضاف إليه القليل من الليمون وبعض الفانيليا. ويتميز بغناه بالطاقة. في المختصر، إن الكنافة بالجبنة غنية بالسعرات الحرارية لاحتوائها على كميات عالية من السكر والدهن، لذا يجب الحذر من الإكثار منها، لأن المبالغة في استهلاكها تؤدي حتماً إلى ارتفاع نسبتي السكر والكولسترول في الدم. والمشكلة الكبرى في الكنافة أن الراغب في أكلها يلتهم منها اللقمة تلو الأخرى وبكمية كبيرة من دون أن يشعر بالتخمة، وهنا المصيبة. وحبذا لو تصبح الكنافة أكثر فائدة باستبدال القطر بالعسل، والجبنة الكاملة بأخرى قليلة الدسم، والاستعاضة عن السمنة الحيوانية بالسمنة النباتية. وكي نأمن شر الإكثار منها، يجب ألا يتعدى حجم الكنافة التي نأكلها نصف كف اليد.