سارعت شيماء إلى تفقد ابنها الذي لم يتجاوز الشهر الخامس بعدما سمعت صرخة مدوية في المنزل، فوجدت طفلها الأكبر عادل يسحب شقيقه الصغير على الأرض. وحين تفقدت جسد الطفل... وجدته مليئاً بالكدمات. الغيرة هي التي دفعت عادل، الذي لم يتجاوز السنتين من عمره، إلى ضرب شقيقه الصغير وجرّه داخل المنزل بضعة أمتار على الأرض، قبل أن تكتشف الأم الأمر وتسارع إلى إنقاذ صغيرها من بطش أخيه الذي لا يطيق أن يرى والدته ترضع صغيرها أمامه، بعدما منعته من الرضاعة قبل ثلاثة شهور من ولادة الطفل الجديد. تقول شيماء: «عادل لا يحب شقيقه. فقد أنجبت الاثنين في مدة متقاربة، إذ وَلدتُ أخاه قبل أن يكمل السنتين من العمر. وعلى رغم أنني فطمته وامتنعت عن إرضاعه قبل أن يولد شقيقه، فإنه دائماً ما كان يتأثر حين يراني أرضع شقيقه الصغير، إذ يعمد إلى ضربه عندما أكون في المطبخ». وتضيف: «لم أتوقع أن يفعل به كل ذلك. فقد وجدت جروحاً بليغة على وجه أخيه، فضلاً عن إصابته في رأسه نتيجة السحب على السيراميك. والحمدلله أنني تمكنت من إنقاذ الصغير قبل وقوع الكارثة». المشكلة ليست الأولى من نوعها عند شيماء، فابنها البكر كان يغار بشدة حين يراها ترضع شقيقه الأصغر عادل، وكان يعمد أيضاً إلى ضربه باستمرار، بل كانت تجد آثاراً للعض على جسده الصغير أحياناً كثيرة. وعلى رغم أن الأمهات بغالبيتهن يشكين من غيرة أطفالهن عند إنجاب الطفل الثاني، لكنهن لا يستطعن معالجة القضية من دون الاستعانة بالأهل، وترسل كثيرات منهن الطفل الأول إلى بيت الجدة التي يتعلق بها الطفل إلى درجة تضعف فيها رابطته بأمه أحياناً كثيرة. وتقول زينب هاشم إن أطفالها هم على النقيض من بقية الأطفال، إذ لا يشعرون بالغيرة من أشقائهم الأصغر، بل يعتنون ببعضهم بعضاً في شكل جيد حتى أنها هي ذاتها تستغرب سلوكهم. وتقول: «كنت في الخامسة من عمري عندما أنجبت أمي شقيقي الأصغر. وما زلت أتذّكر رد فعلي حينه، إذ طلبتُ من أبي أن يرميه خارج المنزل، فحاول إقناعي بأنه لا يحبه ويحبني أكثر منه، ولكنه يشفق عليه وسيبقيه عندنا حتى يكبر قليلاً ويستطيع المشي قبل أن يطرده». غيرة الأطفال من أشقائهم الأصغر تتفاقم في شكل أكبر عندما ترضع الأم أطفالها في شكل طبيعي، كما تؤكد الدكتورة سلمى حسن ماهود، المختصة في علم نفس الطفل. وتوضح ماهود أن الطفل يشعر بأن شقيقه الأصغر استحوذ على كل ما يملك مرة واحدة، فأخذ منه حنان أمه واهتمامها ومصدر غذائه المرتكز في صدرها. وتنصح الأم بألا تُرضع طفلها الصغير أمام شقيقه الذي يكبره، وأن تعمل على إشراك الطفل الأكبر في رعاية الصغير، وإفهامه بأنه يحتاج إلى رعاية جميع أفراد العائلة، لأنه ضعيف البنية ولا يستطيع القيام بأي شيء. وتضيف: «حين يعتمد الطفل على الرضاعة الاصطناعية لا يشعر بالغيرة كثيراً من شقيقه الأصغر، لكونه احتفظ على الأقل بمصدر طعامه مستقلاً طالما كان لا يعتمد على صدر أمه في الحصول على الحليب. وتلفت إلى أنه «في أحيان كثيرة، عندما تنجب الأم سريعاً، أي لا يكون هناك فارق زمني طويل بين الإنجابين، يكون الطفل غيوراً جداً.