احتشد مليون ونصف مليون حاج أمس على جبل عرفة لأداء الركن الأعظم من الحج عشية العيد في انسيابية ملحوظة في تحركهم، مرددين التلبية ومتضرعين إلى لله لكي يعم السلام العالم وتتوقف إراقة الدماء في العالم الإسلامي. ومنذ فجر أمس، انطلق الحجاج من مشعر منى حيث قضوا ليلتهم باتجاه عرفة الذي يعرف أيضاً باسم «جبل الرحمة»، قاطعين مسافة ستة كيلومترات بواسطة الحافلات أو قطار المشاعر أو سيراً على الأقدام، وذلك لأداء الركن الأعظم من الحج وألسنتهم لا تكاد تتوقف عن ترديد التلبية «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك»، في حين كانت الطوافات تحوم فوق الآلاف من رجال الأمن لتسهيل حركة المرور. وأدى الحجيج صلاة الظهر والعصر في مسجد نمرة قبل أن يباشروا بعد مغيب شمس أمس التوجه إلى مشعر مزدلفة وقضاء ليلتهم حيث التقطوا حصيات قبل العودة إلى منى قبل شروق الشمس لرمي جمرة العقبة الكبرى ثم النحر والهدي والحلاقة أو التقصير اليوم (الثلثاء) في أول أيام عيد الأضحى. وحذر المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في خطبته من «طائفة من هذه الأمة تريد بالمسلمين الهلاك وانعدام الأمن والإيمان والاستقرار». ولفت إلى أن ما «يمر به الإسلام من ظروف حرجة وما يواجه من مصائب تهدد وحدته، فتفرق أبناء المسلمين واختباؤهم وتشتتهم وتكالب الأعداء المتربصين بهم وانتشار الحروب والفتن الداخلية أصابهم بالضعف والوهن والذل والهوان». وعزا ذلك إلى «تخليهم عن تعاليم دينهم وعن العقيدة الصحيحة»، مؤكداً أن «الذي يضعف الأمة هو اتباع الفاحشة وتميع الأخلاق والإباحية، ما يؤدي إلى ضياع الأعراض وانتهاك الحرمات وفساد الأخلاق والانحلال». وأضاف المفتي «لا نجاة للأمة ولا أساس لها إلا بتمسكها بكتاب ربها وسنة نبيها على منهج السلف الصالح، ولن يصلح هذه الأمة إلا ما صلح في أولها». يذكر أن المملكة قلصت أعداد حجاج الخارج بنسبة 20 في المئة، والداخل بنسبة 50 في المئة، بسبب أعمال التوسعة الضخمة التي تبلغ كلفتها بلايين الدولارات، فيما أعلنت وزارة الصحة عدم تسجيل أية إصابة بفيروس «كورونا» في صفوف الحجاج، بعدما أسفر عن وفاة 60 شخصاً في العالم. كما نشرت المملكة حوالى 100 ألف من رجال الشرطة لضمان أمن الحج، محذرة من أنها لن تتساهل حيال أية تظاهرات أو تحركات من شأنها صرف الحجيج عن تأدية المناسك، حرصاً على إبقاء مناسك الحج بعيدة من التوترات السياسية الإقليمية. وتأهبت منشآت الجمرات في مشعر منى لاستقبال حجاج بيت الله الحرام لرمي الجمار بتفويج منظم وضعت له الخطط ومشاريع مرافق وتهوية وتكييف وصيانة وخدمات مرافق لمزيد من الراحة والتيسير على الحجيج في أداء المناسك. وأنهت وزارة الشؤون البلدية والقروية مشروع المنشآت الجمرات باكتمال المظلات العلوية، وزودت بمراوح التكييف المصاحب للرذاذ لتقليل درجة الحرارة، وإعداد السلالم المتحركة ومباني الخدمات وتخطيط المسارات الجديدة، ونشر كاميرات المتابعة لتعزيز آليات التحكم في تدفقات حركة الحجيج إلى جانب اللوحات والمنشآت الإرشادية والتوعوية والخدمات الإعلامية في إطار المرحلة الرابعة والأخيرة من مشروع المنشأة الحديثة للجمرات والأعمال المتعلقة بها. وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة الصحة رئيس اللجنة الإعلامية بالحج الدكتور خالد مرغلاني أن مستشفيات ومراكز وزارة الصحة في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة واصلت تقديم خدماتها الصحية العامة والتخصصية «المستوى الثالث والرابع» إلى ضيوف الرحمن. وأشار إلى «أن المستشفيات والمراكز التخصصية في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة أجرت خلال الفترة من 1-11 إلى صباح أمس 13 عملية قلب مفتوح لمرضى الحجاج، و261 عملية قسطرة قلبية، و49 عملية مناظير هضمية، إضافة إلى 852 جلسة غسيل كلوي بنوعيه الدموي والبريتوني. وكشف لوكالة الأنباء السعودية عن أن 318.761 ألف حاج مريض راجعوا المستشفيات والمراكز الصحية بالعاصمة المقدسة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة خلال هذه الفترة، إذ قدمت المستشفيات خدماتها ل 47.412 حاجاً، منهم 32.205 مرضى من طريق العيادات الخارجية، فيما استفاد 15.207 مرضى من خدمات الطوارئ والإسعاف. وأكد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة رئيس اللجنة الإعلامية بالحج أن 271.349 ألف حاج استفادوا من خدمات الرعاية الصحية الأولية بالمراكز الصحية بالعاصمة المقدسة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة خلال هذه الفترة. وأضاف أن 2.174 ألف مريض تم تنويمهم بالأقسام التخصصية المختلفة بمستشفيات وزارة الصحة العاملة في مناطق الحج غادر منهم 1.580 ألف مريض بعد تلقيهم العلاج اللازم، مشيراً إلى أن عدد الحجاج المنومين المتبقين في مستشفيات الوزارة بكل من العاصمة المقدسة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة حتى صباح أمس 610 مرضى يتلقون الخدمات العلاجية اللازمة، موضحاً أن مستشفيات وزارة الصحة شهدت ثماني حالات ولادة لنساء قدمن لأداء فريضة الحج.