لعل أهم ميزة لدى نجم الغناء العالمي جوني هاليداي، هي الإستمرارية. فإذا علمنا أن الرجل عمره الآن 66 سنة وأنه عرف النجومية منذ مطلع الستينات من القرن العشرين أي عندما كان في العشرين من عمره، وأن نجمه لم يخب طوال 46 سنة متواصلة، تعجبنا بعض الشيء، خصوصاً أن الفترة الزمنية نفسها شهدت ميلاد وانتهاء فئة لا بأس بها من المغنيين والمغنيات الذين اشتهروا بسرعة البرق واختفوا بها أيضاً. يكمن سر هاليداي في أنه عرف دائماً كيف يجذب الجماهير من كل الأجيال، فإذا أجرينا إحصاء في شأن فئات الجمهور التي تقتني أسطواناته وتتردد لمشاهدة استعراضاته المسرحية لوجدنا أن الجيل الذي كان يحبه في بداية مشواره الفني لا يزال يتبعه على رغم مرور السنوات ويجر في تياره أولاده بل أحفاده من المراهقين، وهذا أمر نادر بما أن الصغار عادة ما يحبون فنانين من جيلهم ولا يحبذون الاستماع إلى أولئك الذين يثيرون إعجاب أهلهم. لقد نجح هاليداي في إلغاء الحواجز بين الأجيال، واللافت في هذا الوضع أن الفنان ليس أميركياً مثل معظم الذين تستمر نجوميتهم طويلاً، بل هو بلجيكي يوزع إقامته بين فرنسا وسويسرا. كان هاليداي قد أعلن في بداية العام الحالي عن تحضيره عرضه الجديد والأخير في آن بعنوان «الجولة 66» في إشارة إلى عمره، وأنه ينوي التقاعد تعباً من كثرة العطاء، إضافة الى أنه قال كل ما لديه وصار يعتبر نفسه عاجزاً عن تجديد نفسه. وبدأت الجولة العالمية لهاليداي بنجاح، ففي كل سهرة عشرات آلاف المتفرجين لأن النجم يختار ملاعب رياضية ضخمة لعروضه وليس صالات مسرحية عادية. وبلغت كلفة تحضير الاستعراض أكثر من 20 مليون دولار، أسوة بما تكلفه عملية إنتاج فيلم سينمائي هوليوودي. وفي شهر تموز (يوليو) الماضي كان هاليداي يحضر السهرة المبرمجة في إمارة موناكو عندما سقط أرضاً فاقداً الوعي فوق يخته الخاص، فنقل إلى المستشفى على رغم اعتراضه وإصراره على أنه بخير لكنه متأثر بعض الشيء بوفاة مايكل جاكسون. وألغيت السهرة في مونتي كارلو وكذلك الحفلات الأخرى المبرمجة حتى نهاية الشهر. وأصرت شركات التأمين التي ترعى الفنان على أن يخضع لفحوصات طبية شاملة وأن يرتاح في المستشفى إلى أن يستعيد قواه في شكل كلي. وأمضى هاليداي تسعة أيام في المستشفى إلى أن أعلن الأطباء أن حالته الصحية جيدة وأنه قادر على استئناف نشاطه الفني في مطلع شهر أيلول (سبتمبر) الحالي. وفيما كانت الإشاعات تلاحقه، انتقل الفنان مع زوجته ليتيسيا وإبنتيهما بالتبني الى جزيرة سانت بارثيليمي حيث تملك العائلة فيلا فخمة، ثم عاد إلى باريس وباع المطعم الفاخر الذي يملكه قرب جادة الشانزيليزيه لأنه «يجلب له الهموم أكثر من أي شيء أخر» قبل أن يستأنف جولته الأخيرة. لقد بدأ هاليدي يستعد لحياته الجديدة بعد اعتزاله الغناء. وليس من المستبعد أن يخوض غمار السينما، خصوصاً أنه تولى الدور الأول في فيلم بوليسي صيني عنوانه «انتقام» أخرجه السينمائي جوني تو وعُرض بشيء من النجاح في مهرجان «كان» السينمائي الأخير، وقد تلقى هاليداي إعجاب النقاد الأمر الذي سيشجعه بلا شك على الاستمرار في هذا الطريق. وجوني هاليداي هو الاسم المستعار ذو النبرة الأميركية الذي إختاره الفنان لنفسه منذ بداية احترافه الفن، فإسمه الحقيقي جان فيليب سميت. وأخر أخبار الفنان إلغاؤه كل الاستعراضات المبرمجة في شهر أيلول (سبتمبر) الجاري في جزيرة لا ريونيون، وفي هذه المرة ليس بسبب مرضه الشخصي ولكن خوفاً على جمهوره (وعلى نفسه بلا شك) من فيروس إنفلونزا الخنازير الذي بدأ في الانتشار هناك.