على رغم مرارة الخسارة، والخروج من تصفيات كأس العالم أمام الأشقاء البحرينيين الذين عملوا بجد، واستعدوا بشكل قوي، وأعطوا المباراة حقها من الإعداد والتحضير، إلا أنها فرصة كبرى للرياضة والكرة السعودية للتعديل والتغيير، من أجل مصلحة وطن ورياضة يشربها ويتنفسها ملايين السعوديين، فرصة للبحث عن سمعة رياضة وطن أهم وأغلى وأسمى من مصلحة أي إداري أو مسؤول، مهما علا شأنه أو نقص. الخسارة «الموجعة» التي يجب أن نتحملها بشجاعة، بدءاً من رئيس اتحاد كرة القدم، ورؤساء لجانه، ومخططي ومبرمجي الكرة السعودية، إلى الأندية وغالبية المنتسبين للوسط الرياضي. الخسارة فرصة ذهبية لإعادة صياغة رياضة الوطن، وتحويل العمل إلى «مؤسساتي»، وإرساء أنظمة قوية وواضحة، وآلية لاتخاذ القرارات المهمة، بعيداً عن المجاملة والموافقة والتوجيه. الخسارة فرصة لاجراء تغييرات كبيرة في الكرة السعودية، يتبعها اصلاح وتخطيط طويل الأمد لمستقبل كرة القدم. ما حدث فرصة لتنفيذ خطة طويلة الأمد، تبدأ وتهتم وتتمحور حول النشء، وصناعة «الحرفة» التي تحتاج للموهبة المتوافرة بشكل كبير، صناعة وخطة تمتد إلى سنوات عدة لا تقل عن 16 عاماً، فنحن لا نريد أن نصل للمونديال المقبل ثم نتعثر ونعود أدراجنا، لنبدأ من جديد في رحلة جديدة من التخطيط «الموقت»، بعد تسكين الألم من دون علاجه. يجب أن تكون لدينا خطة عملية، تبدأ من القاعدة ومن تأسيس اللاعب، فكرياً وتعليمياً وفنياً، وتصب في وعاء المستقبل ذي الأساس المتين، وفق رؤى فنية رفيعة، ولتكن أكاديمية الأهلي نموذجاً نسعى لتعميمه وتكراره. إدارة كرة القدم من أهم المناحي والأسس التي يجب أن تطور من أدائها وأداء منسوبيها، وأن تواكب ما يحدث في عالم الإدارة، خصوصاً الرياضية منها. نحتاج إلى تطوير وتجديد للجان، وتفعيل لأدوار أعضاء اللجان، بدلاً من الآلية الحالية التي تعتمد فيها على رؤسائها، بينما الغالبية متفرجون، لا يمكن السكوت على أخطاء أمانة تفوّت فرصة النخبة على حكم دولي مثل عبدالرحمن العمري، بسبب تأخير إرسال «خطاب»، ولا يمكن السكوت على أخطاء لجان أخرى ترتكب «كوارث» غير مقبولة في مرحلة يجب فيها أن تتطور وتعزز بالكوادر والكفاءات وبتوفير كل حاجاتها، حتى تؤدي ما عليها على أكمل وجه. يجب أن نعتمد على آلية النظم واللوائح الصريحة والدقيقة، فكرة القدم صناعة يجب أن تعمد إلى القانون والنظام، وألا تخضع للمجاملات. الحقيقة مرة، والفرصة للتغيير والإصلاح متاحة، وما نقوله ليس من باب نكئ الجراح، وإنما من باب توضيح الحال لصاحب القرار، الذي طالما يطالب بالشفافية. هناك تغييرات في الرياضة السعودية لا ينكرها إلا غافل، ومنها ما يحدث في هيئة دوري المحترفين كنموذج، يثبت لنا أنه متى ما تم الاعتماد على أصحاب الخبرات والمعرفة ومنحهم الصلاحيات، فإن النتائج ستكون مرضة، وأن تغيير آلية العمل وتطويرها ليس بالمستحيل، بل إنه واقع يحتاج إلى المصارحة والتشريح، ثم العمل بشكل علمي منظم. [email protected]