دعا إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب جموع المسلمين الذين قدموا إلى مكةالمكرمة لأداء مناسك الحج، إلى «أن يتفقدوا أعمالهم ومقاصدهم، إذ إن في مناسك الحج تربية على إفراد الله بالدعاء والسؤال والطلب مع التوكل عليه واللجوء إليه والاستغناء عن الخلق»، مضيفاً: «لا يجوز أن يحول الحج إلى ما ينافي مقاصده، فلا دعوة إلا إلى الله وحده ولا شعار إلا شعار التوحيد والسنة فالدين دين الله والشرع شرعه والواجب على من بلغه كلام الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتبع الحق ولا يترك القرآن والسنة لقول أحد مهما كان». وقال آل طالب في خطبة يوم الجمعة أمس في المسجد الحرام: «اليوم تعيش الأمة اليوم موسماً عظيماً من أيام الله تعالى وركناً من أركان الإسلام العظام، موسماً تغفر فيه الذنوب والخطايا وتُقال فيه العثرات وتقبل الدعوات، موسم الحج إلى بيت الله العتيق شعار الوحدة والتوحيد وموسم إعلان العهود والمواثيق وحفظ الحقوق والكرامات وحقن الدماء وعصمة النفوس والأموال». وتابع: «إن الوهن تسرب للأمة بقدر ما تسرب إليها من البدع والمحدثات والانحراف عن الطريق الحق، وإذا كان المسلمون اليوم يلتمسون طريقاً للنهوض فليس لهم من سبيل إلا وحدة جماعتهم ولا سبيل إلى وحدتهم إلا على الإسلام الصحيح والإسلام الصحيح مصدره القرآن والسنة وهو ما عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم». وأضاف: «الحج عبادة فريدة تجمع ملايين البشر المتدفقين لأداء النسك شوقاً التاركين لدنياهم طوعاً، فأي مشهد أبهى من هذا التجمع الإيماني العظيم فيه اجتماع الأمة وائتلافها وظهور قيمها وأخلاقها قيم التسامح والإخاء والبعد عن الخلاف قيم المساواة والعدل والقناعة والبساطة في تجرّد الحاج من متاع الدنيا في لباسه ومسكنه ومنامه، فمنذ بدأ الحج في الإسلام وموسمه الجامع ينتهز للتوجيهات الكبرى للأمة المسلمة فهو ملتقى المسلمين ومثابتهم العظمى، ففي حجة الوداع كان الخطاب العظيم الذي ألقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكرم جمع خطاب لم تعِ المسامع أرقى من مبادئه ولا أشرف من مقاصده وهو السجل الصادق لحقوق الإنسان وحريات الأمم». وخاطب الشيخ آل طالب قائلاً: «قدمتم أيها الحجاج أهلاً ووطئتم سهلاً مرحباً بكم في هذا الوادي المقدس وبين جنبات البيت العتيق أول بيت وضع للناس حج إليه الأنبياء واستقبل أوائل الوحي من السماء وخطر جبرائيل بين أفيائه وتنزل القرآن الكريم على سامق جباله وانطلقت منه بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وربّى نبينا عليه السلام أبر وأصدق رجاله بيت بناه الخليل إبراهيم عليه السلام وحجه الأنبياء على تباعد العصور وترادف الأعوام، زمزم والمقام والحجر والصفا والمروة والجبال والأودية والشعاب كلها شواهد على تصارع الحق والباطل ومغالبة الهدى والضلال، حتى بزغ النور وعمّ ضياء الخافقين فعلى هذه الربى تغسل الخطايا ويعود الحاج نقياً كما ولدته أمه وليس مكان في الدنيا له ميزة كهذا المكان فاقدروا للبيت حرمته وتلمسوا من الزمان والمكان بركته».