يشعر سكان القرى الفلسطينية المجاورة للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بقلق متزايد مع تنامي الاعتداءات التي ينفذها مستوطنون ضدهم وضد ممتلكاتهم، من دون توفّر مقومات لحمايتهم من هذه الاعتداءات التي باتت جزءاً من روتينهم اليومي. وبدت آثار آخر اعتداءات المستوطنين حاضرة في قرية برقة شمال شرق مدينة رام اللهبالضفة الغربية عندما تسلل المستوطنون فجر أمس الخميس وأشعلوا النار في ثلاث سيارات وخطوا شعارات تحريضية على مسجد القرية. وقال المواطن الفلسطيني محمد معطان بمرارة عبر الهاتف ل"يونايتد برس انترناشونال" إن مستوطنين تسللوا الى البلدة من المستوطنة المجاورة وأحرقوا ثلاث سيارات من بينها سيارته. وأضاف "حوّلوا حياتنا إلى جحيم لم نعد نأمن على أنفسنا وعلى ممتلكاتنا كل يوم يتسللون الى قرية وينفذون اعتداءات تحت حماية الجيش الإسرائيلي". قوة من الجيش الإسرائيلي وصلت صباحاً إلى القرية ووعدت بفتح تحقيق بالحادث، وهو الوعد الذي ينظر إليه الأهالي بسخرية من واقع تجربتهم المرة على مدار السنوات الماضية، كونه لا يتحول إلى ملاحقة وإجراء قانوني بخلاف الأمر لو كان الأمر استهدافاً معاكساً. وفي نابلس لم يكن المواطن الفلسطيني عبد الرحمن عوض ، يعلم عندما خرج قبل عدة أيام برفقة زوجته عطاف ونجلهما أكرم، 16 عاماً، إلى أرضهم على طريق "عابر السامرة"، ان رحلتهم ستتحول إلى نزهة مرة. وقال عوض إنه أوقف سيارته من نوع هيونداي 2006 على بعد 150 متراً من الأرض، وبعد مرور 15 دقيقه سمعوا صوتاً أشبه بالانفجار. وأضاف "على الفور تحركت عدة أمتار حتى تمكنت من كشف السيارة والشارع فشاهدت مستوطناً يقوم بتحطيم السيارة من الأمام بواسطة عصا". صرخ أكرم بالمستوطن وهرع نحوه فشاهد ثلاثة مستوطنين يهربون: المستوطن الذي قام بتحطيم السيارة واثنين كانا يراقبان المنطقة، وقد فرا باتجاه مستوطنة "تفوح". عندما وصل أكرم ووالده الى السيارة كانت اطاراتها المطاطية ممزقة جراء خرقها بآلة حادة وزجاجها الأمامي والجانبي من الجهة اليسرى محطما أيضاً. تحطيم السيارات وثقب إطاراتها بات مؤخراً جزءاً من الاعتداءات اليومية التي تنفذ بالضفة الغربية بالتوازي مع إتلاف المزروعات وقطع الأشجار المثمرة. يقول المزارع سليمان صالح محمود جبر إنه توجه الاثنين الماضي لقطف ثمار الزيتون من أرضه المسماة بقرية كفر لاقف، قرب قلقيلية ليكتشف أنه تم قطع 12 شجرة بالكامل رغم أنه لا يستطيع الدخول للمنطقة إلا بحراسة جنود من الجيش والشرطة الاسرائيلية، حيث تبين له إن" مستوطنين يقطنون بؤرة (كيروت شمرون) قبالة القرية تسللوا لأرضه وقطعوا الأشجار". وقال غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية ليونايتد برس انترناشونال إن "المستوطنون يضاعفون من اعتداءاتهم ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم لفرض واقع جديد لا وجود فيه للفلسطينيين وتهجيرهم من أماكن سكناهم ". وأضاف "هناك ارتفاع بوتيرة هذه الاعتداءات حيث بلغت هذا العام 589 اعتداءً تراوحت ما بين إحراق سيارات وقطع أشجار زيتون، وكتابات عنصرية على الجدران مقارنة بالعام الماضي الذي تم خلاله رصد 370 اعتداءً". ويرى دغلس بأن التصدي لمثل هذه المحاولات" لابد أن يكون على الصعيد الفردي والجماعي باهتمام الفلسطينيين بممتلكاتهم كتسييج الأراضي و مواراة مركباتهم في الليل، ولابد من تكاتف الفصائل والتجمعات والوقوف مع هذه القضايا ضمن إطار جماعي وليس فردي". ورغم أن الجيش الإسرائيلي يحاول أن ينأى بنفسه عن هذه الاعتداءات معلناً في مرات عدة فتح تحقيق في حوادث الاعتداءات، إلا أن الفلسطينيين يتهمونه بالتواطؤ وحماية المستوطنين خلال تنفيذ تلك الاعتداءات. وقال محمد إلياس منسق اللجنة الوطنية لمقاومة الاستيطان والجدار ليونايتد برس انترناشونال إن "الاعتداءات التي تتم من قبل المستوطنين ممنهجة برعاية عسكرية سياسية لتمدد الاستيطان والتقدم في ملف التهويد وحصر الفلسطينيين ضمن مناطق صغيره محددة". وأضاف "المسألة أبعد من أن تكون هذه الاعتداءات خارجة عن سلطة الجيش بل الجيش من يحميها ويمنع الفلسطينيين من التصدي لها، ويتم التعامل مع المستوطنين الذين يتم التأكد منهم كما أشار تقرير منظمة حقوق الانسان-يش دين - (هناك حد ) بأن 90%من الحالات التي تضبط في اعتداء على الفلسطينيين لا تقدم للنيابة ،و10% من الباقين يخلى سراحهم لعدم استيفاء الأدلة". وأشار الى أن حراس المستوطنات والجيش الإسرائيلي "يعلم جيدا من يخرج من المستوطنة ومن يدخل إليها فلا شك أن لديهم علم بمن يقوم بهذه الأفعال غير أنم يوفرون الحماية المباشرة وغير المباشرة له لينفذ اعتداءه أكثر من مرة".وتحدث الاعتداءات بعد أن يتسلل مستوطنون في ساعات الليل من البؤر والمستوطنات تجاه القرى الفلسطينية حيث ينفذون هجماتهم سريعاً ويعودون إلى مقرهم، وفي الحالات التي يكتشفهم الأهالي ويتصدون لهم سرعان ما تتدخل قوات الجيش الإسرائيلي لتأمين انسحابهم. ويرى إلياس "أهمية التصعيد الميداني وتشكيل مجموعات نواطير وحراسة من التجمعات والنقابات لحماية الممتلكات، وتفعيل هذه القضية داخليا وخارجيا كقضية عامة حاول الاحتلال تكريس التقسيم للمدن وللهم الواحد فيها ،ولا زال الفشل في تبنيها يحتاج لجهد لإزالته". وقال الحقوقي عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان ليونايتد برس انترناشونال إن "إسرائيل تتعامل بطريقتين وضع اليد على الأراضي عبر مصادرة الدولة ، والأخرى عن طريق ترك المستوطنين ليعتدوا على ممتلكات الفلسطينيين وهذا ما يرتقي لجرائم الحرب". ويبقى تساؤل الفلسطينيين سكان خطوط التماس مع المستوطنين "متى يمكن أن نشعر بالأمن والأمان ونستطيع أن ننام بهدوء دون أن نفكر في المخاطر التي تتهدد حياتنا؟ ".