في رحلتي الأخيرة على طيران الخطوط السعودية من الرياض إلى دبي فوجئت بعامل حمل الحقائب قد وضع مع عفشي ثلاث قطع زائدة: سجادة صوف وصندوقان كارتونيان، وحين جادلته بأن عفشي لا يحوي سجادة صوف، وأن ما ينقصني هو كارتون واحد فقط، قال لي إن مراقب الحقائب هو من أصرّ على أن هذا ما ينقص العفش فلا يوجد غير هذه القطع الثلاث فهي آخر القطع، ولا صاحب لها فلا بد أنها تخصني. أصررت على رفض المبادلة والصلح، وإعادة القطع الثلاث والمطالبة بصندوقي المفقود، فهو بالنسبة إليّ ثروة صغيرة من الكتب جمعتها من مكتبات متفرقة في رحلة الصيف الطويلة، هذا إذا تغاضينا عن ثمنها المادي. أكد لي الموظف الذي حاول ان يرشوني بثلاث قطع بدلاً من واحدة، أن الكارتون لم يشحن من الرياض، وأنه لا بد من تسجيل البلاغ في المكتب لتتم متابعته. بعد ان أنهيت إجراءات التبليغ، أعطاني رقم البلاغ ومد معه ورقة مطوية في ظرف. سألته: ما هذا؟ قال بإشارة - وكأنه شيء روتيني وغير مهم -: خطاب اعتذار! على الفور تذكرت عندما فقدت أنا وعائلتي حقائبنا في مطار لوس انجليس منذ سنوات. إذ تأخرت الطائرة السعودية المتجهة إلى لندن والتي على أثرها فقدنا طائرة لوس أنجليس، أخذ الشباب في الخطوط الاجنبية (يركضون بنا) في المطار من أجل توفير مقاعد في أقرب طائرة متجهة إلى لوس أنجليس. وفي دقائق ضيقة جداً وسريعة قذفوا بنا على خطوط نيوزيلندية لئلا نبقى طويلاً مع اطفالنا في المطار، مما نتج منه نسيان شحن حقائبنا، لتواجهنا المصيبة الأخرى: لا حقيبة لنا ظهرت على سير الحقائب، لكننا سعدنا بوصولنا إلى الهدف. وقف المسؤول أمامنا يعتذر شفوياً، ووجهه أحمر ويكاد يلطم، ثم أعطانا 75 دولاراً لكل شخص عن كل يوم تأخير. في كل يوم كان يتصل هاتفياً، يبشرنا بكل حقيبة عثر عليها - ويسأل عن تفاصيل الحقائب المتبقية، وبعد ثلاثة أيام دق باب شقتنا موظف الخطوط، وسلم الحقائب والتعويض مع اعتذار حار. المشكلة أن كارتون الكتب لا يعوض بالنقود ولا بالاعتذار، ولست ممن يتمتعون بروح الفكاهة في المصائب لأغني كما غنى ذلك المطرب النوبي: «ضاع الصندوق يا محمد لكن مفتاحه معاي»! لكني سأقول: الرجاء اعيدوا إليّ هذا الصندوق وإلا... نسيت عادة ماذا يقولون في هذه المناسبات.... فكروا معي. وإلا ماذا؟ [email protected]