دفعت «اللحمة الاجتماعية والوطنية»، عائلتين في محافظة القطيف، إلى التنازل عن شاب تسبب في وفاة اثنين من أبنائهم، وذلك في حادثة مرورية وقعت قبل ثلاثة أشهر، في مدينة الجبيل الصناعية. فيما قررت قبيلة الشمري، التي ينتمي إليها الشاب المتسبب في الحادثة، إقامة حفلة تعريفية أواخر الأسبوع الجاري، بهدف «تعريف المجتمع بروح وسماحة المجتمع القطيفي، ودورهم في التنازل عن حقهم جراء هذه الحادثة، وشكرهم على هذا الموقف النبيل وموافقتهم الفورية على التنازل»، الذي تم من دون مقابل مالي، بناء على رغبة ذوي المتوفين، الذين أصروا على أن يكون التنازل «لوجه الله تعالى». وكانت عائلتا البندري، وآل تريك، أعلنتا عن تنازلهم عن الشاب بدر الغليسي الشمري، الذي تسبب في حادثة مرورية وقعت في مدينة الجبيل الصناعية، أدت إلى وفاة أبنائهم: علي آل تريك، وأحمد حسن منصور البندري. فيما نجا الشمري من الموت. وأعلنت العائلتان عن تنازلهما أثناء قيام وفد من قبيلة شمر، بزيارة العائلتين، وتقديم العزاء في المتوفين. وقال معتوق آل تريك، وهو عم أحد المتوفين، إلى «الحياة»: «طلبوا منا التنازل عن المتسبب في الحادثة، فما كان منا إلا الموافقة على ذلك، بكل رحابة صدر. وتم الانتهاء من إجراءات التنازل أمام الجهات المختصة». وبرّر آل تريك، تنازلهم «الفوري» بأن الحادثة «غير مقصودة، وربما يتعرض لها، أو يتسبب فيها إي إنسان»، مضيفاً أن «تنازلنا لأخوتنا وأهلنا من قبيلة شمر، تم بعد أن قاموا بزيارتنا في مجلس العزاء في بلدة القديح، وتقديم العزاء، وطلبوا منا التنازل، فاستجبنا لهم قُربة إلى الله تعالى، وترسيخاً لمفهوم التسامح الاجتماعي بين أطياف المجتمع الواحد». وأردف معتوق، «تحدثت مع أخي (والد الشاب المتوفى) حول ما عرضه علينا وفد قبيلة شمر، من استعداد لدفع الدية والتعويض جراء هذه الحادثة، إلا أننا اتفقنا على التنازل قُربة إلى الله تعالى، ومن دون مقابل»، مضيفاً أن «البعض اعترض على تسامحنا وتنازلنا الفوري، إلا أن تنازلنا كان قُربة إلى الله تعالى، كما ذكرت، إضافة إلى إيضاح حجم التسامح لدى أبناء القطيف عموماً، والتأكيد على اللحمة الوطنية والاجتماعية». ومن المقرر أن تشهد مدينة الجبيل الصناعية، مساء يوم الخميس المقبل، حفلة تعريفية، تقيمها قبيلة شمر، على شرف أسرتي البندري وآل تريك. وقال معتوق: «دعونا لحضور حفلة تعريفية، بحضور أعيان قبيلة شمر، ومن ندعوهم من طرفنا، للتعارف بين الطرفين، والتأكيد على دور الترابط الوطني بين مختلف أبناء المملكة، مع الإشارة إلى سماحة أبناء القطيف ونبلهم، خصوصاً في مثل هذه المواقف الوطنية». بدورها، قدمت قبيلة شمر، شكرها «الجزيل» لأهالي القديح، مشيدة ب»الروح الوطنية والترابط الاجتماعي بين أبناء المملكة في توادهم وتراحمهم»، مشيرين إلى أن هذه «الروح الوطنية، وهذه الإنسانية الكبيرة ليست مستغربة على أهالي القطيف عموماً، وأهالي القديح على وجه الخصوص».