دخل الشلل في دوائر الدولة الفيديرالية الأميركية يومه السادس أمس، وسط اختبار قوة بين الرئيس باراك اوباما والجمهوريين في شأن الموازنة. لكن ذلك لم يمنع البنتاغون من إعلان استدعاء غالبية موظفيه المدنيين المقدر عددهم ب 400 ألف، لوقف إجازاتهم غير المدفوعة واستئناف العمل. وحتى قبل ظهور مؤشرات إلى اتفاق حول سبل إنهاء الأزمة، أعلن البنتاغون في بيان لوزير الدفاع تشاك هيغل عودة «غالبية» الموظفين المدنيين في وزارة الدفاع الذين وضعوا في إجازة غير مدفوعة إلى العمل. وكشف عن «الطلب من غالبية موظفي وزارة الدفاع المدنيين الذين مُنحوا إجازة طارئة خلال الإقفال الحكومي، العودة إلى العمل بدءاً من الأسبوع المقبل». وأوضح أن المحامين «خلَصوا إلى أن القانون يعفي من الإقفال الحكومي، الموظفين الذين تساهم مسؤولياتهم في معنويات عناصر الجيش ورفاههم وقدراتهم واستعدادهم». وتوقع: «خفض إجازات المدنيين في إطار هذه العملية لكن ليس الإنهاء التام». وكان اوباما طلب من خصومه الجمهوريين وقف «هذه المهزلة» وإقرار موازنة، في وقت يتسبب غيابها لعام 2014 (بدءاً في الأول من الشهر الجاري) بشلل شبه تام في الإدارة. وحذرت وزيرة التجارة الأميركية بيني بريتزكر أمس، من «تأثير» شلل الخدمات الفيديرالية الأميركية الذي دخل أمس يومه السادس «في قطاع الأعمال»، عشية قمة «منتدى التعاون الاقتصادي في آسيا-المحيط الهادئ» (أبيك) التي تفتتح أعمالها اليوم في جزيرة بالي الأندونيسية. واتفق أعضاء مجلس النواب من دون التصدي لسبب الشلل، على معالجة إحدى تبعاته. وكان المجلس صادق بإجماع 407 أعضاء على إجراء يسمح للموظفين الفيديراليين ال 900 ألف الذين وضعوا في إجازة غير مدفوعة، بتقاضي رواتبهم بمفعول رجعي عن كل أيام العمل الضائعة عندما ينتهي الإقفال. وأبدى المسؤول الثاني لدى الجمهوريين في مجلس النواب إريك كانتور، ارتياحه لأن النواب «اتخذوا تدابير جديدة سعياً إلى تخفيف الألم الذي تسبب به الشلل في الموازنة». واتهم الرئيس الأميركي في كلمته الإذاعية مَن سماه «الجناح الأيمن في الحزب الجمهوري»، ب «إعاقة التصويت» على الموازنة في مجلس النواب، مشيراً إلى أن «غالبية الأعضاء من الحزبين مستعدون للتصويت». ويرفض الجمهوريون المعارضون لإصلاح نظام التأمين الصحي المعروف ب «اوباما كير»، التصويت على أي موازنة لا تتضمن إلغاء تمويل هذا النظام. وأكد أوباما مجدداً «عدم الخضوع للابتزاز»، وقال: «لن تدفع فدية في مقابل إعادة تسيير العمل في الإدارة وزيادة سقف المديونية». إذ كان نواب جمهوريون لوّحوا بربط مسألة الموازنة بزيادة سقف المديونية، وهي إحدى صلاحيات الكونغرس. ويُتوقع أن تبلغ الولاياتالمتحدة سقف الاستدانة البالغ حالياً 16700 بليون دولار في 17 الجاري، ويجب على الكونغرس الموافقة على رفع هذا السقف لتفادي تخلف البلد عن تسديد مستحقاته ما قد يحمل تبعات كارثية. وقال اوباما «مهما كان الشلل في الموازنة خطيراً، سيكون الشلل الاقتصادي الناجم عن التخلف عن التسديد أسوأ كثيراً». ويذكر ان هذا المأزق الأميركي أدى إلى اضطراب متزايد في الأسواق المالية العالمية خلال الأسبوع. وبهدف زيادة الضغط على الجمهوريين، حذّر وزير الخارجية الأميركية جون كيري من «خطر إضعاف الولاياتالمتحدة في حال طال أمد أزمة الموازنة». وقال في مؤتمر صحافي قبل افتتاح أعمال قمة مجموعة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (ابيك) في جزيرة بالي الأندونيسية، «في حال طال أمد ذلك أو تكرر، يمكن السكان بدء التشكيك في إرادة الولاياتالمتحدة الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها وقدرتها على القيام بذلك. لكن ذلك ليس حاصلاً ولا اعتقد انه سيكون كذلك». لكن الجمهوريين نفوا بشدة أن يكونوا سبب هذه الأزمة، وأعلن رئيس مجلس النواب الأميركي جون باينر خلال مؤتمر صحافي، أن «الأميركيين لا يريدون شلل دولتهم الفيديرالية، وأنا أيضاً. كل ما نطلبه هو الجلوس وإجراء نقاش وإعادة فتح الدولة وإنصاف الأميركيين في «اوباماكير». ورد اوباما مرحباً بالتفاوض مع الجمهوريين وباينر «لكن ليس تحت التهديد»، وقال ذلك خلال نزهة غير معتادة برفقة نائب الرئيس جو بايدن خارج البيت الأبيض لشراء سندويشات من محل مجاور في مشهد نادر الحصول. واقترح اوباما وحلفاؤه الديموقراطيون الذين يشكلون الغالبية في مجلس الشيوخ، التفاوض رسمياً حول موازنة طويلة الأجل. لكنهم اشترطوا أن يصوت مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون على قانون مالية لستة أسابيع لإعادة فتح الإدارات في شكل كامل. وأقرّ قياديون في الحزب الجمهوري أول من أمس، بأن إنهاء حال الشلل في الإدارة يتطلب تغيير قواعد اللعبة السياسية الحالية. ويبقى سحب سريان قانون التأمين الصحي المعروف ب «اوباما كير» او تأخيره، أولوية كبرى لدى النواب الجمهوريين الذين أصروا على مدى أسابيع على عدم إصدار أي قانون يزعزع الدعم الحكومي لتوقيع الرئيس أوباما على هذا الإنجاز الداخلي. لكن عدداً قليلاً من النواب المدعومين من محافظي «حزب الشاي» دعموا علناً هذا المسعى، ما أدى إلى خلافات عميقة داخل الحزب الجمهوري وتبادل الاتهامات في صفوف الجمهوريين داخل أروقة مجلس الشيوخ. ومع احتواء معركة الشلل في الموازنة بالجدل الدائر حول رفع سقف المديونية خلال الأسبوعين المقبلين، أكد هؤلاء ضرورة نقل الاهتمام إلى قضايا ضريبية بحتة. وقال عضو الكونغرس دوغ لامبورن للصحافيين خلال جلسة لمجلس النواب نهاية الأسبوع وهو موعد قلما يشهد جلسات للكونغرس، «جربنا أموراً كثيرة وربما استخدمنا كل اسلحتنا لمحاربة «أوباما كير»، لم ينجح ذلك، لذا يجب علينا الانتقال إلى القضايا الأكبر المتعلقة بسقف المديونية والموازنة الإجمالية». ولاقاه في هذا التوجه عضو الكونغرس دنيس روس أحد رافضي زيادة الضرائب ومن أنصار «حزب الشاي»، معتبراً أن «الاعتزاز مفقود هنا ومن كلا الجانبين». وقال: «اقتربنا كثيراً من بلوغ سقف المديونية، وسيبقى الأمران مجموعين كلما تقدمنا في البحث».