ينتظر تطبيق الخطة الأمنية لطرابلس التي وضعتها قيادتا الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وأقرها مجلس الأمن المركزي في اجتماعه الأخير برئاسة وزير الداخلية مروان شربل، عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من نيويورك نهاية الأسبوع الحالي وفق الاتفاق الذي توصل إليه في اجتماعه الموسع مع وزراء طرابلس ونوابها وقادة الأجهزة الأمنية الأسبوع الماضي. وتعتقد مصادر نيابية في طرابلس أن الاجتماع المرتقب لوزراء المدينة ونوابها وقادة الأجهزة الأمنية برئاسة ميقاتي سيؤدي بعد مناقشة مشروع الخطة الأمنية إلى إعطاء الضوء الأخضر للبدء في تنفيذها قبل عطلة عيد الأضحى. وتقول المصادر نفسها إن الحواجز التي أقامتها القوى الأمنية عند المداخل المؤدية إلى المدينة وتسيير دوريات مؤلّلة في أحيائها وشوارعها جزء من التدابير الواردة في الخطة التي يجب أن تكون متكاملة لجهة إعادة الهدوء إلى المدينة للحفاظ على أمنها واستقرارها وألا تقتصر على هدنة عيد الأضحى. ومع أن المصادر النيابية فوجئت ببدء تطبيق الخطة التي ما زالت معظم بنودها خاضعة للسرية التامة، فإن الوزير فيصل كرامي انتقد التعاطي الرسمي مع طرابلس ودعا الدولة إلى القيام بواجباتها في حفظ الأمن والاستقرار. وتلفت هذه المصادر إلى أن ما طبّق من الخطة لا يعدو كونه محاولة لاختبار رد الفعل السياسي والشعبي عليها، فنشر الحواجز عند مداخل طرابلس سيؤدي إلى خنقها وتحويلها إلى غيتو يدفع بسكان المناطق المجاورة لها إلى الحذر من دخولها خصوصاً أن الطرابلسيين أخذوا يتذمّرون من كثرتها. ويؤكد النائب محمد كبارة أن طرابلس «بحاجة إلى ما لا يقل عن 500 عنصر إضافي من قوى الأمن كي تنطلق خطتها الأمنية بجدية وتدفع أهلها إلى الارتياح إلى سهر الدولة على أمنهم لأنه لم يعد من الجائز تصوير بعضهم طرابلس على أنها خارجة على القانون وحاضنة للتكفيريين والإرهاب ليتاجروا بمصيرها مع دول تكافح الإرهاب». ويضيف أن «من شروط أنجاح الخطة الأمنية أن يتوافق الجميع على رفع الغطاء السياسي عن المخلّين بالأمن وهذا كنا شددنا عليه في كل الاجتماعات، لأن هناك ضرورة لإعادة طرابلس إلى كنف الدولة». ومع أن كبارة يشدد على ضرورة تفعيل الخطة الأمنية، فإن مصادر طرابلسية أخرى تعتقد أن من شروط تطبيقها رفض الأمن بالتراضي وإنهاء كل أشكال الجزر الأمنية وإلغاء المظاهر المسلحة وإزالة خطوط التماس التقليدية بين باب التبانة وجبل محسن والتعاطي بمعيار واحد مع كل من يحاول الإخلال بالأمن وإلا فإن الخطة لن تحقق اهدافها. وتحذر هذه المصادر من إغراق الخطة في تجاذبات سياسية يمكن أن تخلق الأعذار للذين لا يروق لهم الحفاظ على الاستقرار في طرابلس لتبرير الحملات السياسية التي تستهدفها من بعض الأطراف. وتؤكد أن تفعيل هذه الخطة يتطلب تعطيل القنابل الأمنية والسياسية الموقوتة ومنع المتضررين من استخدامها في الوقت المناسب بهدف حرق طرابلس بالمعنى السياسي للكلمة من الداخل بذريعة أن قياداتها وفاعلياتها عاجزة عن توفير الغطاء السياسي للقوى الأمنية الشرعية وبالتالي لا أمل بإنقاذها وإعادتها إلى حضن الدولة. وتشدد أيضاً على ضرورة تجفيف كل مصادر التمويل التي يستفيد منها بعض قادة المحاور في طرابلس الذين يبادرون من حين إلى آخر إلى أخذ المدينة رهينة واستخدامها منصة لتوجيه الرسائل السياسية. وتسأل هذه المصادر: «هل لدى الدولة استعداد لفرض خطة غير تقليدية لا تكون نسخة طبق الأصل عن الخطط السابقة التي سرعان ما كانت تسقط بفعل التصعيد المتبادل بين هاتين المنطقتين الذي أدى إلى تحويل القوى الأمنية المنتشرة بينهما أو في داخلهما قوى فصل؟ أم أن هناك من يحاول تقويض هذه الخطة، وبعض هذا الفريق من خارج الدولة، لتقديم طرابلس على أنها عصية على الشرعية وأن القرار فيها للمجموعات «التكفيرية والإرهابية» على رغم أن وجودها غير فاعل ومعزولة ولا تحظى بأي تأييد من التيارات الإسلامية التي تنادي باستمرار بضرورة حضور الدولة إلى عاصمة الشمال؟». وتعتقد هذه المصادر أن الحديث عن تحويل المدينة إمارة يأتي من باب التهويل والاستغلال السياسي.