مرة جديدة تتكرر مآسي اللاجئين الهاربين من الحديد والنار أو من ظلم اجتماعي أو اقتصادي في بلادهم. فبعد أيام على غرق عبارة كانت تقل لبنانيين قبالة سواحل أندونيسيا الأسبوع الماضي، قضى أكثر من 130 شخصا، واعتُبر نحو 250 في عداد المفقودين أمس، بعد غرق مركب كان ينقل مهاجرين من القرن الأفريقي إلى جزيرة لامبيدوزا في جنوب إيطاليا. وقالت رئيسة بلدية لامبيدوزا جوزي نيكوليني لوكالة الأنباء الإيطالية وهي تبكي: «إنه أمر فظيع، ما زالوا ينتشلون الموتى». وأضافت: «على قنوات التلفزيون أن تأتي إلى هنا وتظهر الجثث، وإلا فكأن هذه المآسي لم تحصل». وكان المركب يقل بين 450 و500 مهاجر صومالي وأريتري، ونقل مسعفو خفر السواحل 151 ناجياً إلى اليابسة. ودعا الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي، إلى تضافر الجهود لمكافحة الإتجار بالبشر «بالتعاون مع بلدان المنشأ». وطالب بالسيطرة على «رحلات اليأس والموت» التي يقوم بها المهاجرون الذين غالباً ما يدفعون إلى المتاجرين بالبشر لمساعدتهم في الفرار من بلادهم. ووجه نائب رئيس الوزراء الإيطالي أنجلينو الفانو نداءً إلى الاتحاد الأوروبي لمساعدة إيطاليا، مشيراً إلى أن ما حصل «مأساة أوروبية وليست إيطالية فقط». واستمر عدد الضحايا في الارتفاع ونُقلت الجثث التي غطت رصيف فافورالو في لامبيدوزا إلى عنبر المطار في الجزيرة. وأفاد محققون أن المهاجرين غير الشرعيين أحرقوا بطانيات لتتمكن السفن التجارية من رصدهم، ما أدى إلى اشتعال الفيول وغرق المركب. وذكرت وكالة الأنباء الإيطالية أن الشرطة اعتقلت تونسياً كان بين الناجين، إذ تبيّن أنه أحد المهربين. ورجح محققون أن يكون المركب أبحر من ليبيا. في المقابل، أعلنت الخارجية التونسية أمس، عدم وجود تونسيين بين المهاجرين. وأكدت في بيان أن «مصالح (أجهزة) وزارة الشؤون الخارجية، لا سيما قنصليتها في مدينة باليرمو الإيطالية اتصلت بالسلطات الأمنية في ايطاليا للتثبت من وجود تونسيين ضمن من كانوا في المركب المذكور من عدمه». وأشارت إلى أنه وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها القنصلية التونسية في باليرمو من الجانب الإيطالي، فإنه «لم يتبين وجود تونسيين بين المهاجرين غير الشرعيين الذين لقوا حتفهم أو تم إنقاذهم في الحادث». وأُبلغت مراكب صيد في المنطقة بوقوع الحادث وتوجه زورق تابع لخفر السواحل وآخر لشرطة الجمارك إلى الموقع لمساعدة المهاجرين. كما شاركت في العملية مروحيات ووسائل جوية أخرى. وكتب البابا فرنسيس تغريدة على موقع «تويتر» دعا فيها للصلاة من أجل الضحايا. وكان البابا زار في الثامن من تموز (يوليو) الماضي لامبيدوزا الأقرب إلى السواحل الأفريقية، للتنديد ب «لامبالاة العالم» التي يُعتبر المهاجرون غير الشرعيين أولى ضحاياها وهم يبحثون عن حياة جديدة في الدول الغنية. وأدت المأساة إلى شلل النشاط السياسي الكثيف في إيطاليا التي تعاني أزمة حكومية. ومنذ مطلع العام وصل أكثر من 22 ألف مهاجر إلى سواحل جنوب إيطاليا (صقلية وكالابريا) أي ثلاث مرات عددهم في عام 2012. ووقع الحادث بعد وصول زورق آخر إلى لامبيدوزا على متنه 463 مهاجراً من سورية. وغرق الإثنين الماضي 13 مهاجراً معظمهم من أريتريا أثناء محاولتهم الوصول إلى جزيرة راغوزا (جنوب شرقي صقلية) بعد أن قفزوا أو ألقى بهم مهربون في البحر من مركب كان ينقل 200 مهاجر أو لاجئ. ووقع حادث مماثل مطلع آب (أغسطس) الماضي، قبالة سواحل كاتانيا (شرق صقلية) وأدى إلى غرق ستة مصريين.