أمير الحدود الشمالية يدشن مشروعات استثمارية في مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية    بعد حمص.. اللجنة التحضيرية تطلق جلسة حوارية سورية في طرطوس    وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية المتعددة ووزير خارجية موريشيوس يستعرضان التعاون الثنائي    التزام طلبة المدارس الثانوية بالزي الوطني السعودي في الطائف    بلدية محافظة عنيزة تستعد لإطلاق مهرجان "حياة الورد" الثالث    150 شركة في ملتقى البنية التحتية السعودي - الكندي    الأمير سعود بن نهار يختتم جولاته التفقدية للمراكز الإدارية التابعة للطائف    ولي العهد ووزير الخارجية الأمريكي يبحثان القضايا الإقليمية والدولية    مستشار الأمن القومي الأمريكي ومبعوث ترمب يصلان إلى الرياض    إريكسون تضع بصمتها في مستقبل تكنولوجيا الاتصالات السعودية.. من الجيل الخامس للاستدامة    سمو نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة العقيد جبران بن محمد بن خاطر -رحمها الله-.    مساعد وزير الداخلية يشهد تخريج الدفعة ال 6 من الدورة التأهيلية للفرد الأساسي (نساء)    إتاحة استرداد الضريبة للمتبرعين في تنفيذ مشاريع النفع العام    أكثر من 200 إعلامي و34 قناة نقلوا سباق" فورمولا إي جدة" إلى العالم    بنزيما يهدد صدارة «الدون» لهدافي الدوري    قائد القوات الخاصة للأمن البيئي يدشن القوة الخاصة للأمن البيئي بمحمية عروق بني معارض الطبيعية بمنطقة نجران    الرئيس اللبناني: لا خوف من فتنة طائفية    أدبي جازان يقيم عدد من الفعاليات بمناسبة يوم التأسيس    الأشخاص ذوي الإعاقة يكسرون حاجز الإعاقة ويزورون معرض جازان للكتاب 2025 "جازان تقرأ "    برعاية أمير منطقة الرياض.. "جمعية كفيف" تزف بعد غدٍ 45 شابًا وفتاة من المكفوفين    تزامن فلكي بين التقويم الهجري والميلادي.. مطلع رمضان    أمير القصيم يستقبل مدير عام الجوازات والفائزين بصناعة المحتوى    وزير الشؤون الإسلامية يدشن مشروع تشجير مساجد وجوامع منطقة القصيم    أسعار النفط إلى 74 دولاراً    حرم ولي العهد تُعلن إطلاق متحف مسك للتراث «آسان»    "هيئة الأمر بالمعروف" تشارك بورقة علمية في مؤتمر المركز الوطني للوثائق والمحفوظات    آل الشيخ يدشن مشروع لعقود الصيانة والنظافة والتشغيل لجوامع ومساجد القصيم    «دار وإعمار» للاستثمار والتطوير العقاري تدشن فيلا العرض النموذجية لمشروع «تالا السيف» وتواصل ريادتها في السوق العقاري    أمانة تبوك تكثف أعمال الإصحاح البيئي ومكتفحة آفات الصحة العامة    ما مطالب إسرائيل من حماس ؟    وزير البيئة يُدشِّن 3 أصناف عالية الإنتاجية من القمح تتناسب مع الظروف البيئية للمملكة    مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين يُقر أعضاء مجلس إدارة صندوق دعم الإعلاميين    البرلمان العربي يطلق مؤتمره السابع لرؤساء المجالس والبرلمانات العربية السبت المقبل    المملكة تقدم نموذجًا عالميًا في مكافحة "الاتجار بالأشخاص"    ماذا تقدم بيضة واحدة أسبوعياً لقلبك ؟    لمسة وفاء.. زياد بن سليمان العرادي    الدعم السريع يستهدف محطات الكهرباء بالمسيَّرات.. غوتيريش يدعو لوقف تدفق السلاح للسودان    تكريم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز في دورتها ال 12    في انطلاق الجولة 22 من دوري" يلو".. الجبلين في ضيافة الزلفي.. والعين يواجه البكيرية    تراجع مفهوم الخطوبة بين القيم الاجتماعية والتأثيرات الحديثة    عيد الحب.. بين المشاعر الحقيقية والقيم الإسلامية    10 مسارات إثرائية لتعزيز تجربة قاصدي الحرمين في رمضان    حين يصبح الطريق حياة...لا تعطلوا الإسعاف    تحذير من أجهزة ذكية لقياس سكر الدم    «سلمان للإغاثة» يدشن مبادرة «إطعام - 4»    الشيخ السليمان ل«الرياض»: بعض المعبرين أفسد حياة الناس ودمر البيوت    الحجامة.. صحة وعلاج ووقاية    محمد بن ناصر يدشّن حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال    يوم «سرطان الأطفال».. التثقيف بطرق العلاج    منتدى الاستثمار الرياضي يسلّم شارة SIF لشركة المحركات السعودية    الأهلي تعب وأتعبنا    القادسية قادم بقوة    يايسله: جاهزون للغرافة    الحاضنات داعمة للأمهات    غرامة لعدم المخالفة !    جدد رفضه المطلق للتهجير.. الرئيس الفلسطيني أمام القمة الإفريقية: تحقيق الأمن الدولي يتطلب دعم مؤتمر السلام برئاسة السعودية    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    استمع إلى شرح موجز عن عملهما.. وزير الداخلية يزور» الحماية المدنية» و» العمليات الأمنية» الإيطالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حبر وملح - المقبرة المائية
نشر في الحياة يوم 04 - 10 - 2013


نولدُ ونحن نحلم بالهجرة.
نتوارثُ الحلمَ أباً عن جد.
منذ عشرات السنين واللبنانيون يمخرون عباب البحر وعنان السماء لأن أرض وطنهم تضيقُ بهم وبأحلامهم، وفي «كل عرس لهم قرص»، في الأفراح نصيبهم محفوظ وفي الأتراح شراكتهم حتمية. منذ التيتانيك حتى اليوم لأبناء الوطن الصغير حصةٌ من المآسي والآلام، كأن الهجرات المتواصلة والمتوارثة ما هي إلا جلجلة ودرب آلام كُتب على اللبناني أن يمشيها حاملاً صليب عذاباته على كتفيه، ولا قيامة موعودة أو قريبة.
صحيح ينجح اللبنانيون في الخارج، يحتلون مواقع متقدمة في البلدان التي يقصدونها، يتقلدون أرفع المناصب هنا وهناك، ينخرطون في الحياة العامة، كأن اللبناني «كيفما رميته يأتي واقفاً» على ما يقول المثل الشعبي، لكن خلف حكايات النجاح تكمن قصص خرافية عن حجم المصاعب والتحديات التي واجهت وتواجه هؤلاء الباحثين عن مساحة تتسع لأمانيهم وأحلامهم بعد أن ضاق بهم الوطن الأم ولم يعطهم مساحة أمن وأمان أو فرصة تقدم ونجاح، رغم كل ما يعطونه هم لوطنهم ويبذلون في سبيله.
منطقة عكار في شمال لبنان هي النموذج الصارخ لعلاقة اللبناني بدولته، علاقة تشبه قصة حُبّ من طرف واحد، هي تمثل الخزان البشري ليس فقط للجيش اللبناني بل أيضاً لكثير من القوى السياسية والحزبية اللبنانية، وكلما دق النفير نجد عكار في مقدمة مَن يلبي، لكن حين تنقلب الآية وتدق عكار نفير الفقر والحرمان وكل أشكال الحاجة الى مقومات الحياة لا تجد مَن يلبي النداء رغم الوعود الكثيرة التي تُغدق على أبنائها من هنا وهناك. لو كان في عكار بنى تحتية من ماء وكهرباء وهاتف وطرقات معبدة، لو كان فيها مدارس كما ينبغي، ومصانع ومعامل وفرص عمل، بل فرص حياة، هل كان أبناؤها يركبون المراكب الخشنة بحثاً عن فرصة عيش في آخر أصقاع الأرض؟
مؤلمة حكايات اللبنانيين، منذ التيتانيك مروراً بطائرة كوتونو والطائرة الأثيوبية وصولاً الى عبّارة الأحلام المستحيلة المدفونة في بحر أندونيسيا، كأن الموت قد كُتبَ على اللبناني ان لم يكن بالرصاص والعبوات الناسفة داخل وطنه، فبالغرق أوالاحتراق خارجه. وكلما سمعنا عدد الضحايا في هذه الكارثة أو تلك، يُذهلنا كيف يتحول البشر الى مجرد أرقام في صفحات الجرائد وشاشات التلفزة. لكن لا أحد ينتبه كم يكمن خلف الأرقام والأعداد من قلوب محترقة حزناً على الأعزاء والأحبة، كم من أم أو زوجة أو أخت أو ابنة تندب غالياً رحل قبل الآوان، كم من أب مفجوع وزوج موجوع وابن ينتظر على قارعة الشوق. نفكر بالموتى ونحزن عليهم لكننا أكثر حزناً على الأحياء المكتوين بنار الفقدان الموعودين بوطن بعيد المنال، بعد أن كان يحدوهم الشوق للقاء الأحبة ولو على أرض نائية أوصدت بوجههم الأبواب.
رغم المآسي لا يزال اللبناني ينجح كفرد، خصوصاً خارج وطنه، ثمة عشرات القصص عن لبنانيين غادروا وطنهم وهم لا يملكون شروى نقير لكنهم استطاعوا بكدحهم وكدهم ومثابرتهم أن يغيروا واقع الحال، لكن السؤال الدائم لماذا ينجح اللبنانيون كأفراد ولا ينجحون كشعب، لماذا لم نصر شعباً بعد، الى متى نظل قبائل طائفية ومذهبية تجعل من الوطن قاعة ترانزيت بانتظار تأشيرة موعودة الى بلاد الله الواسعة التي تضيق أحياناً ببضعة مهاجرين كما ضاقت أوستراليا بركاب عبّارة الموت؟
«منذ ألف فجر نهاجر، منذ ألف حلم مستحيل نمتطي البر والبحر والموج المزاجي، حاملين حظوظنا في تأشيرات الأجانب، معلقين احتمالات العمر على نوايا الريح، كلما ضاق الوطن اتسعت جوازات السفر، كلما فاض القلب مشينا على الماء (...) يا رجفة الشفتين، يا اصطكاك الرُكب، يا جحوظ العينين، يا برق الروح في الريح، يا رعد الأحبة ومطر القلب الى أعلى، سبحان مَن سخّر لنا هذا، مَن وضّب الأعمار في حقائب السفر، مَن ألقى النومَ في عيون الناجين ثم أقفل المدى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.