قالت المفوضة العليا للسياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، إن العالم لن يسمح بشن حرب جديدة على قطاع غزة، وشددت على أن إنهاء الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كفيل بإنهاء معاناة سكان القطاع. وشددت موغريني خلال مؤتمر صحافي مع المفوض العام ل «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) بيير كراهينبول في مركز ايواء النازحين من العدوان الإسرائيلي في مدرسة البحرين التابعة للوكالة أمس، على موقف الاتحاد الأوروبي بأن «يصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى حل حقيقي وشامل عبر العودة للمفاوضات». وقالت موغريني التي تولت منصبها في الأول من الشهر الجاري خلفاً لكاثرين آشتون، إن «أوروبا تُلقي بكل وزنها السياسي من أجل الدفع بعملية السلام إلى أمام، وجعل حكومة الوفاق الوطني فاعلة في قطاع غزة». وأضافت الوزيرة الإيطالية السابقة وابتسامة عريضة ترتسم على وجهها: «نقف إلى جانبكم يا أهل غزة، ونؤمن بضرورة تفعيل عمل الحكومة الفلسطينية الموحدة في غزة، وعلى نحو متواصل، في القريب العاجل وليس في المستقبل البعيد». وتابعت: «نعلم أن الوسيلة الوحيدة لإنهاء معاناتكم هي إنهاء الصراع، وسرعة إقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام إلى جنب إسرائيل، وحكومة فلسطينية فاعلة». وطالبت موغريني، التي وصلت أول من أمس إلى فلسطين وإسرائيل في أول جولة خارجية لها منذ توليها منصبها الجديد، «الجميع بالعودة الآن إلى المفاوضات». ورداً على سؤال عن إمكانات أن يعترف الاتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية على غرار السويد، قالت موغريني إن «أوروبا تحتاج إلى وجود دولة فلسطينية أولاً قبل أن نناقش قضية الاعتراف بهذه الدولة من عدمه». وشددت على أن «العالم لا يحتمل ولن يسمح بحرب رابعة في غزة، وهذه رؤيتي للمستقبل، وهذا ما يجب على الجميع تفهمه». وأشارت الى أنها قررت أن تكون زيارتها الأولى لغزة بعد توليها منصبها «لتقديم رسالة إنسانية في المقام الأول قبل أن تكون سياسية»، مشيرة إلى أن «غزة تحتاج إلى رفع الحصار وإلى إعادة إعمار ما تم تدميره وبسرعة أكبر مما يجري». واعتبرت أن «علينا أن نكمل خطوات اتفاق القاهرة الموقع في (آب) أغسطس الماضي في شأن وقف النار والبدء بإعادة إعمار القطاع»، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي «سيظل على أهبة الاستعداد لدعم قطاع غزة بشتى الطرق الممكنة». وشددت على أن «إعادة الإعمار تتطلب عودة حكومة التوافق الفلسطينية إلى القطاع، وان يكون لها دور فاعل»، مجددة التأكيد على مواصلة الاتحاد دعمه ل «أونروا» واللاجئين الفلسطينيين. واعتبرت أن «غزة بحاجة الى أن تتنفس، وأن الأمور يجب أن تتغير، ويجب العمل بشكل مباشر، ولا يوجد وقت للانتظار. نحتاج أن نعمل على إعادة الإعمار بسرعة أكبر مما هو الوضع عليه الآن، هذا التزام قدمناه ويجب أن نعمل بكل ما نستطيع على أن يكون الأطفال الذين ولدوا في الحرب في منازلهم قبل أن يبلغوا عامهم الأول». من جهته، وصف كراهينبول زيارة موغريني بأنها «مهمة جداً في بعديها الإنساني والسياسي». وجدد مطالبته العالم بأن «يعمل على إنهاء الحصار المفروض على غزة ومعالجة أسبابه السياسية وليس الإنسانية فقط»، كما جدد التأكيد على «ضرورة المحاسبة والتحقيق بشفافية في الهجمات (التي شنتها إسرائيل إبان العدوان على القطاع) على منشآت ومدارس تابعة لأونروا وعلى المدنيين الفلسطينيين». وقال إن «مواد الإعمار تدخل ببطء إلى غزة، والمطلوب تسريع دخولها حتى نتمكن من إنهاء معاناة آلاف الأسر»، مشدداً على أنه «تجب معالجة أزمة غزة جذرياً، ولا يمكن أن يعود الوضع الى ما كان عليه قبل الحرب الأخيرة». وكشف عن أن عمليات تقويم أضرار العدوان على القطاع أظهرت أنه «تم تدمير 130 ألف منزل في غزة». وكانت موغريني وصلت إلى القطاع صباح أمس في زيارة قصيرة جداً استغرقت ثلاث ساعات رافقها خلالها ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين جان غات راتر. وألغت موغريني زيارتها لحي الشجاعية المدمر عقب التفجيرات الخطيرة التي وقعت في القطاع أول من أمس. وفي مدرسة البحرين، عقدت موغريني اجتماعا مع كراهينبول ومسؤولين رفيعي المستوى في «أونروا» بحث خلاله الطرفان زيادة تمويل الاتحاد الأوروبي للمنظمة الدولية. والتقت موغيريني أيضا أفراد عائلتين من المشردين في المدرسة، واستمعت الى معاناتهم أثناء العدوان الإسرائيلي وبعده، وأبدت تعاطفاً شديداً معهم. كما التقت وزراء حكومة التوافق الفلسطينية الأربعة من القطاع في مقر مجلس الوزراء في مدينة غزة. وقال وزير العمل مأمون أبو شهلا إن موغيريني «وعدت بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح جميع معابر قطاع غزة، وإدخال كل مواد البناء لإعادة إعماره مجدداً». وأضاف أن الوزراء شرحوا لها معوقات خطة منسق الأممالمتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري الخاصة بآلية إعادة الإعمار وفرض الرقابة وتحديد كميات مواد البناء التي تدخل للقطاع. وأشار إلى أنهم طلبوا دعم توجه الرئيس محمود عباس في الأممالمتحدة خلال المرحلة المقبلة، و «أكدت لنا أنها تسعى الى الوصول إلى حل حقيقي وعادل للقضية الفلسطينية» كما «أكدت أن الاتحاد الأوروبي لا يريد العودة الى المفاوضات من أجل المفاوضات، بل أن تصل الى نتيجة خلال فترة زمنية محددة». موغيريني في رام الله وغادرت موغيريني غزة متوجهة الى رام الله حيث التقت رئيس الحكومة رام الحمد الله، وأعلنت خلال مؤتمر صحافي مشترك عن إدانة الاتحاد للاستيطان، معتبرة ذلك عقبة أمام تحقيق السلام في هذه المنطقة وأمام حل الدولتين. وأضافت أن الاتحاد ما زال الداعم الأكبر للسلطة، وأنه يعتبر الحكومة الفلسطينية شريكاً، وسيواصل العمل معها من أجل إعادة إعمار قطاع غزة وتسريع هذه العملية من خلال المشاركة في تنفيذ مشاريع معينة إلى جانب المساهمة المالية من أجل رفع المعاناة عن أهالي القطاع. من جانبه، أعلن الحمد الله أنه سيقوم قريبا بجولة في الدول العربية التي تعهدت المساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة، لتسريع تحويل الأموال اللازمة لإعادة الإعمار. وقال إن الحكومة أعادت إصلاح محطة توليد الكهرباء في غزة، وإن تزويد التيار الكهربائي للبيوت في القطاع سيرتفع قريباً من 5 ساعات في اليوم إلى 15 ساعة. وأضاف أن حكومته أصلحت 76 كيلومتراً من الطرق وعشرات آبار المياه، وقامت بإصلاح جزئي لعدد من البيوت، وستدخل قريباً المزيد من مواد إعادة الإعمار إلى غزة، وستواصل مشروع إعادة الإعمار مهما كانت العقبات. وتابع: «سنعمل على دمج قطاع غزة بالوطن، ولن نتردد في مواصلة مشروع إعادة الإعمار مهما بلغت العقبات»، في إشارة الى التفجيرات الأخيرة التي تعرضت لها بيوت عدد من قادة «فتح» في غزة. وطالب الاتحاد الأوروبي بلعب دور أكبر في إعادة الإعمار، مشيراً الى أن الاتحاد كان الداعم الأكبر للسلطة الفلسطينية منذ تأسيسها.