شهد السودان أمس يوماً ثامناً من الاحتجاجات ضد نظام الرئيس عمر البشير، وسط انتقادات لافتة صدرت من داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم لطريقة تعامل قوات الأمن مع المتظاهرين الذي قُتل منهم العشرات في الأيام الماضية. وعلى رغم تراجع حدّة الاحتجاجات التي فجّرها رفع الحكومة الدعم عن سعر المحروقات، إلا أن المعارضة سعت إلى زيادة الضغط على نظام البشير من خلال القول إن لجوءه إلى قتل المتظاهرين يعني «فقدانه أي شرعية» كان يتمتع بها. وشدد رئيس حزب الأمة القومي المعارض الصادق المهدي على أن «الظروف الحالية في السودان جعلت رحيل النظام وقيام نظام جديد أوجب وأولى». وقال في حديث هاتفي إلى «الحياة» إن «الموقف تطور الآن لأنه دخل فيه سفك دماء (مقتل المتظاهرين)، وسفك الدماء يُفقد أي حكومة الشرعية أياً كانت الشرعية الموجودة». ودعا النظام إلى «الاعتراف بالأخطاء والإخفاقات بدلاً من المغالطة والاستمرار في العناد». وشدد المهدي على أن القضية لم تعد قضية رفع الدعم الحكومي عن المحروقات «بل عن فشل كل السياسات الحكومية وضرورة رحيل النظام لإقامة نظام جديد». وأشارت وكالة «فرانس برس» أمس إلى خروج ما بين 150 و 200 طالبة في تظاهرة في جامعة الأحفاد للبنات في أم درمان احتجاجاً على «الحكومة»، وفق رئيس الجامعة قاسم بدري. وأضاف «أن الشرطة لم تدخل حرم الجامعة إلا أنها أطلقت الغاز المسيل للدموع من خارجها»، مؤكداً عدم وقوع إصابات. ومساء الأحد خرج نحو ألف شخص في مسيرة في الخرطوم للدعوة إلى إطاحة الحكومة بعد جنازة لقتلى الاحتجاجات. وتقول السلطات إن 33 شخصاً قتلوا منذ رفع أسعار الوقود بنسبة تزيد على 60 في المئة قبل أسبوع، إلا أن نشطاء وجماعات حقوقية يقولون إن عدد القتلى بلغ ما لا يقل عن 50. ونقلت «فرانس برس» عن ديبلوماسي أجنبي قوله الأحد إن من الصعب تحديد العدد الحقيقي للقتلى «ولكن يمكن أن يصل العدد إلى 200 قتيل». غير أن وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود حامد قال في مؤتمر صحافي إن «معظم الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي (لقتلى الاحتجاجات في السودان) هي من مصر». وجاء كلام الوزير في وقت نقلت «فرانس برس» عن «مسؤول سوداني بارز» رفض نشر اسمه انتقاده حملة القمع الدموي «غير الضرورية» ضد المتظاهرين، وقال «إن ارتفاع عدد القتلى يشير إلى درجة العنف». وتابع في تصريحات تعكس الانقسام داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم: «اعتقد انه من غير الضروري قمع المتظاهرين السلميين. إن التظاهر السلمي هو حق دستوري». وأكد أن الحوار أفضل من المواجهات المسلحة، قائلاً: «هذا أفضل من مواجهة مصير الحكومة المصرية أو مرسي أو مبارك»، في إشارة إلى إطاحة الرئيسين محمد مرسي وحسني مبارك.