تبدو الطائفية المرشح الأبرز لتصدُّر قائمة التحديات التي تواجه العام الجامعي الجديد في اليمن، وهذه المرة الأولى التي يطفو فيها الصراع الطائفي على سطح فضاء الأكاديميا في وقت اتسع نطاق الاحتراب الطائفي ليصل إلى مساجد العاصمة. وتترادف الطائفية مع استمرار الصراع السياسي الذي بات معضلة مزمنة تتوارثها الجامعات اليمنية عاماً بعد عام وإليه ترجع مختلف المشاكل التي يواجهها التعليم الجامعي.وتظاهر الأربعاء الماضي المئات من طلاب وطالبات جامعات صنعاء مطالبين بإسقاط رئيس الجامعة الذي يتهمونه بجر الجامعة نحو الهاوية، والتسبب في تدهور العملية التعليمية. ويقول أكاديميون إن ترادف المشكل السياسي والطائفي من شأنه تأجيج الصراع وتعميق الانقسام، ما يقلل من فرص إصلاح نظام التعليم الجامعي. وفي وقت يشكو أكاديميون من تزايد أعداد أقسام الدراسات الإسلامية واللغة العربية، تفيد معلومات لم يتسن تأكيدها رسمياً عن مطالب بفتح أقسام للدراسات الزيدية في الجامعات الحكومية. ويمثل أتباع المذهب الزيدي نحو 30 الى 40 في المئة من السكان، وهو المذهب الذي تنتمي إليه غالبية الحكام الذين حكموا شمال اليمن منذ أكثر من ألف عام وآخرهم الرئيس علي عبد الله صالح الذي أطاحت به انتفاضة شعبية في 2011. وتحضر الجامعة في الاتهامات التي تتبادلها الجماعتان المذهبيتان الشيعية والسنية، ما يشير الى إمكان تحول الحرم الجامعي إلى ساحة صراع مذهبي. وتتهم وسائل إعلام موالية للحوثيين (الذراع العسكرية للأحزاب الشيعية اليمنية) حزب «تجمع الإصلاح» السني بالسعي إلى الهيمنة على الجامعة من خلال فرض تعيين أساتذة بطريقة مخالفة للقانون والاستئثار بالأمن الجامعي. ويعتبر البعض تظاهرة الأربعاء الماضي التي جاءت بعنوان «نازلين لقلع الفاسدين» رداً من حزب الإصلاح على حملة سابقة نظمها حوثيون ويساريون ضد عسكرة الجامعة، واستهدفت إخلاء الجامعة من جنود تابعين لما عرف سابقاً بالفرقة الأولى مدرعة، المحسوب قائدها على حزب الإصلاح. ورفع المشاركون في حملة «نازلين لقلع الفاسدين» شعارات استهدفت رئيس الجامعة، مثل: «عندما يتحول رئيس الجامعة إلى شرطي يتوقف الإنتاج العلمي». وكانت تظاهرات مماثلة تمكنت خلال العامين الماضيين من إزاحة رؤساء جامعات في كل من صنعاء وتعز. ووفقاً لدراسة أعدها الدكتور أحمد غالب الهبوب، ترزح الجامعة اليمنية تحت وطاة جملة من المشاكل المتشابكة، منها الافتقار إلى قيادة تحويلية وجمود المرجعيات الفكرية وغياب إرادة التغيير وهيمنة المناهج والأساليب التدريسية التقليدية. ويشتكي الطالب في كلية الإعلام - جامعة صنعاء، سامح عبد الوهاب، من قدم المنهج وغياب استديو تطبيقي لطلاب قسم التلفزيون مثلاً. ويوفر الوضع الأكاديمي الهش الذي تعيشه الجامعات اليمنية بيئة خصبة لممارسة مختلف الصراعات التقليدية. ويحلو للطالبة في كلية الآداب- جامعة صنعاء، انتصار محسن، تشبيه جامعتها ب «حبل غسيل» سياسي طائفي، متوقعة استمرار المعاناة الطالبية نتيجة استمرار الصراع. وطالب المشاركون في حملة «نازلين لقلع الفاسدين» بتنفيذ أوامر رئيس الجمهورية القاضية بإلغاء العقوبات على طلاب وطالبات تم إيقافهم عن الدراسة على خلفية المواجهات التي شهدتها كلية الهندسة العام الماضي، وإعلان التقويم الجامعي الموحد للعام الجامعي الجديد، واعلان لائحة المساكن الجامعية والتسكين وحل مشاكل المعامل في جميع الكليات. ويوجد في اليمن أكثر من 30 جامعة بينها 10 حكومية، إلا أن جودة التعليم الجامعي ما زالت في مستوى متدنٍّ كما أظهرت ورقة بحثية للدكتورة أسوان عبد الله حمزة، التي أكدت غياب ثقافة ضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي. ومع إطلالة العام الجامعي يتكرر التنافس بين الأحزاب لاستقطاب الطلاب الجدد. وتكررت هذا العام الشكوى من أنظمة القبول، إذ تتهم الجامعة بالسعي إلى تحصيل المال ولو بطرق غير شرعية من خلال فرض رسوم تسجيل لآلاف الطلاب المتقدمين لاختبارات القبول، في حين أن الاستيعاب لا يتعدى بضع مئات، وتخصيص نسبة عالية تصل إلى 70 في المئة للطلاب الراغبين في التسجيل ضمن نظام التعليم الموازي، وهو نظام يوفر لذوي الدرجات المنخفضة فرصة التعليم في التخصصات التي يرغبون فيها مقابل رسوم عالية.