كشفت وزارة الخارجية السعودية عن تخصيص 100 مقعد سنوياً للوزارة في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، بهدف استقطابهم للعمل بالوزارة والمنظمات الدولية. وأشارت «الخارجية» على لسان مدير الإدارة الإعلامية السفير أسامة نقلي في رد على مقالة الكاتب طراد العمري بعنوان: «كسل وزارة الخارجية» المنشور في 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إلى أن الرقم المخصص ضمن برنامج الابتعاث واقعي ويتناسب مع الهياكل الوظيفية، وخطط التوسع المستقبلية، والفرص المتاحة للمملكة في المنظمات الدولية. وأوضحت أن عدد العاملين في الوظائف الدولية من السعوديين يبلغ 400 مواطن يعملون في منظمة الأممالمتحدة والمنظمات التابعة لها، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي والمنظمات التابعة لها، ومنظمة «الأوبك»، مؤكدة وجود وحدة تواصل لشرح توجهات السياسة السعودية من خلال المؤتمرات الصحافية والدورية المنظمة لوزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، ولقاءاته الدورية مع رؤساء التحرير. وجاء نص بيان وزارة الخارجية على النحو الآتي: إيماء إلى مقال الكاتب طراد بن سعيد العمري في صحيفة الحياة بتاريخ 27 أكتوبر 2014، تحت عنوان (كسل وزارة الخارجية) وما تضمنه المقال للعديد من الرؤى حول وزارة الخارجية، وتحديداً ما أشار إليه من ملاحظات حول تفاعل وزارة الخارجية مع ما يجري حول العالم من أنشطة لم تعد تقتصر على الجانب السياسي والديبلوماسي. أود بداية طمأنة الكاتب بأن المسؤولين في وزارة الخارجية مدركون تماماً لحجم المسؤوليات المناطة بإدارة جهاز ذي أهمية بالغة، مؤدى عمله الحفاظ على مصالح الشعب السعودي والوطن، وهي مسؤولية جسيمة في ظل بلد كبير بحجم المملكة يتمتع بمكانة استراتيجية متميزة في محيطه الخليجي والعربي والإسلامي والدولي، وحريص على الاضطلاع بمسؤولياته في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتعاظمة. وربما لو أعطى الكاتب لنفسه الفرصة للبحث والتقصي والاطلاع على عمل الوزارة، لوجد الإجابات الوافية والشافية لمعظم المقترحات الواردة في مقالته والقائمة أصلاً في الوزارة منذ سنوات عدة. وانطلاقاً من تقديرنا لما ورد في مقال الكاتب من زاوية الحرص على الوطن ويقيناً بوطنيته، وإدراكاً من الوزارة لإيجابية التفاعل بين أجهزة الدولة والمواطن التي ستترك بلا شك أثراً إيجابياً لدى الوزارة في سعيها الدائم لتحسين خدماتها للوطن والمواطنين، فإنه من المهم إيضاح الحقائق التالية: طرح الكاتب في مقاله مقترح وضع (خطة خمسية أو عشرية)، وفي حقيقة الأمر أن هذه الخطة اعتمدت فعلاً قبل نحو خمسة سنوات، تحت مسمى الخطة الخمسية للعمل الديبلوماسي السعودي (1431/1432 - 1435/1436) وتم نشر مضامينها في كافة الصحف السعودية، ومن ضمنها صحيفة «الحياة» في عددها رقم (17173) بتاريخ 26/4/1431ه الموافق 11/4/2011م. واشتملت الخطة على تصور كامل للاستراتيجية التي أشار إليها الكاتب، وتعمل الوزارة على تنفيذها على أكمل وجه بالتعاون مع شركائها في القطاعين الحكومي والخاص، ومع المنظمات الإقليمية والدولية التي تتمتع المملكة بعضويتها، واستندت الخطة على رؤية بعيدة المدى لريادة العمل الديبلوماسي السعودي، ينبثق عنها خطط إقليمية لمناطق العالم المختلفة، تغطي جميع محاور العمل الديبلوماسي في إطار مرتكزات السياسة الخارجية للمملكة، وخطط التنمية، وبشكل يتسق مع خطط الشركاء من القطاعين الحكومي والخاص. وتجري متابعة تنفيذ الخطة بشكل مستمر من خلال التقارير ربع السنوية لبعثات المملكة، والوحدات التنظيمية المختلفة. تجدر الإشارة إلى أن الخطة الخمسية - التي بدأنا نجني ثمارها - اشتملت على خطة للتفاعل بين السفارات وديوان الوزارة وآلية لتنفيذها، وبشكل متناغم يكمل بعضه بعضاً، علاوة على ما اشتملت عليه من إنشاء جهاز لتدريب الموظفين ورفع كفاءتهم وقدراتهم في الحقل الديبلوماسي بالتعاون من الهيئات والمنظمات الدولية، ومن جانب آخر تطوير العمل إلكترونياً، الذي أفضى بدوره إلى تسهيل تعاملات الوزارة باعتبارها محور ارتكاز مع البعثات من جانب وأجهزة الدولة المعنية من جانب آخر، وفي إطار سياسة حكومة خادم الحرمين الشريفين لتطبيق التعاملات الإلكترونية. في ما يتعلق بالمشاركة في عمل أجهزة المنظمات الدولية، فيمكن للكاتب القيام بزيارة الوفد الدائم للمملكة لدى الأممالمتحدة في نيويورك، للوقوف على حجم العمل والنشاط القائم سواء لدى الأممالمتحدة، أو الأجهزة التابعة لها في كافة أرجاء العالم. وهو نشاط ربما لا يحظى باهتمام وسائل الإعلام في الرصد والمتابعة في ظل تركيزها على قضايا سياسية معينة ومحددة. اقترح الكاتب في مقاله حجز 10 آلاف مقعد لابتعاث فئة عمرية محددة في برنامج خادم الحرمين الشريفين للسنوات الخمس المقبلة للاستفادة منهم، ولعله من الملائم الإشارة هنا إلى أن عدد موظفي وزارة الخارجية في الخارج والداخل لا يتجاوز الثلاثة آلاف، وهو يقترب من متوسط العدد المتعارف عليه دولياً لأجهزة وزارات الخارجية. وفي إطار هذه النسبة والتناسب تضمنت الخطة على إحدى المبادرات المهمة التي يتم تنفيذها حالياً بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، حيث تم تخصيص 100 مقعد سنوي لوزارة الخارجية من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث لاستقطابهم للعمل بالوزارة والمنظمات الدولية. وهو رقم واقعي يتناسب مع الهياكل الوظيفية بالوزارة وخطط التوسع المستقبلية، والفرص المتاحة للمملكة في المنظمات الدولية. وفي سياق متصل، أثار الكاتب تساؤلاً مهماً للغاية حول استفادة المملكة من حصتها في الوظائف الدولية. وأود الإشارة بداية إلى أن عدد الموظفين السعوديين العاملين في المنظمات الدولية يبلغ نحو 400 مواطن يعملون في كل من الأممالمتحدة والمنظمات التابعة لها، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي والمؤسسات التابعة لها، ومنظمة الأوبك. وذلك بالإضافة إلى أكثر من 400 مواطن آخرين يعملون في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلا أن العدد لا يزال أقل من مستوى طموحاتنا، ولم يستوف بعد كافة حصص المملكة في عدد من هذه المنظمات. ولذلك شكلت وزارة الخارجية فريق عمل للبحث عن الفرص المتاحة للكفاءات السعودية، والإعلان عنها بالتعاون مع المنظمات ذات العلاقة، ومن بينها معهد الأممالمتحدة للتدريب والبحوث، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي على سبيل المثال، ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه ليست كل الوظائف الدولية ذات صبغة سياسية – كما يعتقد البعض – بل معظم هذه الفرص الوظيفية متوفرة في المنظمات المتخصصة في مجالات كالصحة والزراعة والثقافة والتعليم والبيئة وغيرها، وتعمل وزارة الخارجية باعتبارها حلقة الوصل على مساعدة الأجهزة المعنية بالدولة للترشيح لتلك الوظائف. بالنسبة لإنشاء وحدة تواصل لشرح توجهات السياسة السعودية، فإن هذا الأمر قائم من خلال عدة محاور متمثلة في المؤتمرات الصحفية الدورية التي يعقدها وزير الخارجية، وأيضاً من خلال لقاءاته الدورية برؤساء التحرير، وكذلك من خلال نشر خطب المملكة وكلماتها في جميع المحافل الدولية، التي تتناول بكل شفافية مواقف وتوجهات السياسة السعودية في مختلف الموضوعات السياسية والاقتصادية والثقافية ومكافحة الإرهاب ومسائل حقوق الإنسان.. وغيرها من القضايا، ويتم كل ذلك من خلال جهد مؤسسي ومنظم تشترك فيه كل من الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية المعنية بفتح قنوات اتصال مباشرة مع وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ووكالة الوزارة للمعلومات والتقنية المشرفة على بوابة وزارة الخارجية الإلكترونية، وحسابات وزارة الخارجية في مواقع التواصل الاجتماعي. لا بد من الإشارة أيضاً إلى موضوع التدريب والبحث الذي تطرق إليه الكاتب، وهذا الدور يقوم به معهد الدراسات الديبلوماسية منذ نحو 35 عاماً، باعتباره مركز الفكر التابع للوزارة، وذراعها البحثي والتدريبي في نفس الوقت، الذي يقوم بوضع وتنفيذ البرامج التدريبية المتخصصة لموظفي وزارة الخارجية وموظفي الجهات الأخرى بالدولة، وذلك علاوة على الدور البحثي الذي يضطلع به من خلال أربعة مراكز بحثية متمثلة في (الدراسات الاستراتيجية - الدراسات الأميركية - الدراسات الأوروبية – الدراسات الآسيوية .. وعن قريب بمشيئة الله الدراسات الأفريقية)، ويتعاون المعهد في ذلك مع 29 جهة أكاديمية وبحثية خارجية، و5 جهات من الداخل. ولإلقاء الضوء على بعض جهود المعهد، وعلى سبيل المثال، تمكن المعهد بفضل الله خلال العام المنصرم من عقد 11 ورشة عمل متخصصة، و19 حلقة نقاش شارك فيها متحدثون وضيوف دوليون متخصصون، وقام بإنجاز 54 تقريراً متخصصاً في مجالات العلاقات الدولية والديبلوماسية. يضاف إلى ذلك إصدارات المعهد المتمثلة في الكتب، والمجلات كمجلة الدراسات الديبلوماسية (فصلية محكمة)، ومجلة الديبلوماسي. وتخضع برامج المعهد للمراجعة والتقويم المستمر وفقاً لما يستجد كمحور رئيس في خطة العمل الديبلوماسي السعودي. وتجدر الإشارة إلى أن هيكل الوزارة يتضمن أيضاً إدارة متخصصة للدراسات والمعلومات تقوم هي الأخرى بعمل الدراسات وتقديم المقترحات العملية لكثير من قضايا الساعة، وبما ينسجم مع أهداف وسياسات المملكة. وفي الختام، تجدد الوزارة دعوتها وترحيبها بجميع الكتاب والصحفيين لزيارتها ومقابلة المسؤولين فيها للإجابة على كافة تساؤلاتهم، وللاستنارة أيضاً بمرئياتهم. وتؤكد في نفس الوقت بأن ما تبذله يظل جهد المُقل، وتظل الوزارة مستمرة في اجتهادها متوخية خدمة المصلحة العامة، راجين من المولى عز وجل التوفيق والسداد.