أثارت حملة أمنية لتوقيف المجاهرين بالإفطار في نهار رمضان في بعض محافظات مصر جدلاً شديداً، إذ رحب بها إسلاميون معتبرين أنها بداية لإعادة الانضباط إلى الشارع واحترام الآخرين وانتقدها حقوقيون ورأوا فيها تعدياً على الحقوق الشخصية.وانتشرت هذه الحملة الأمنية على نطاق واسع في محافظات أسوان (صعيد مصر) والدقهلية (دلتا النيل) والبحر الأحمر (جنوب شرقي القاهرة)، وليست هناك آلية موحدة لمعاقبة الموقوفين، إذ في بعض الحالات تحرر الشرطة محضراً للمفطر من دون أن تستوقفه ليعرض على النيابة التي تستدعيه من منزله، وفي حالات أخرى تستوقفه لساعات قبل أن تطلقه بعد تحرير محضر له. وتقول وزارة الداخلية إن قراراً سابقاً لوزير الداخلية صدر قبل سنوات ينص على معاقبة المجاهرين بالإفطار بالغرامة. وبدا أن هذه الحملات تتخذها السلطات المحلية في كل محافظة على حدة من دون قرار مركزي، إذ لم تشهد العاصمة أياً من هذه الحملات، كما أن محافظين آخرين قرروا إغلاق المقاهي والمطاعم في نهار رمضان. وأثارت هذه الحملة انتقاد منظمات حقوقية. واعتبرت حركة «شركاء من أجل الوطن» أن هذه الحملة تمثل «فكراً يهدد الوطن ويحول مصر إلى طالبان أخرى»، فيما اعتبرها مدير «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» المحامي جمال عيد «مزايدة من السلطات على الجماعات الدينية المتشددة في محاولة للفوز بالشعبية». وقال ل «الحياة» إن «بعض من أوقفوا أبلغونا بانتهاكات تعرضوا لها لكن آخرين يخشون الحديث... لم نأخذ موقفاً رسمياً حتى الآن ونعتبر أن دفاع مساعد وزير الداخلية عن هذه الحملات هو إشارة بإعطاء الضوء الأخضر لضباطه للتوسع فيها لتشمل كل محافظات الجمهورية وهو أمر مناف للقانون لأنه لا توجد مادة في قانون العقوبات تتحدث عن معاقبة المجاهر بالإفطار». وأضاف: «ليس من حق أي جهة القبض على مواطن لا يراعي شعور الآخرين... الإفطار أو الصيام حرية شخصية يحاسب عليها الله... العقاب ليس هو القضية. المشكلة في عدم احترام الحريات الشخصية والقانون لا يجوز التعرض للمواطنين في الشوارع بحجة المجاهرة بالإفطار وتوقيفهم للتبين عما إذا كانوا هاربين من أحكام أم لا. هذا نوع من العقاب المعنوي». وتساءل: «ما الحال بالنسبة إلى الأقباط؟». لكن عضو «مجمع البحوث الإسلامية» الدكتور عبدالمعطي بيومي يؤيد تصرف وزارة الداخلية ويقول إن «المجاهر بالإفطار يزدري مشاعر الآخرين ويحتقر تمسكهم بفريضة الصيام... كل فرد حر في أن يفطر بينه وبين نفسه، أما المجاهر ففي مجاهرته ازدراء للصائمين وعدم احترام لمشاعرهم وأيضاً يحرك فيهم العطش والجوع». واعتبر أن توقيف المجاهرين بالإفطار لا يمثل تعدياً على الحرية الشخصية لأن «لا أحد يمنع المرء من الإفطار... لكن يجب ردع المجاهرين». وطالب بسن قوانين تعاقب المجاهر بالإفطار بالسجن. وكان مفتي الجمهورية علي جمعة قال إن «المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان من المظاهر السيئة والعادات القبيحة والذنوب الكبيرة... الإفطار في ذاته ذنب ومعصية لأن صوم رمضان ركن وفريضة، لكن هذه المعصية تكون أكبر وأفحش إذا أعلنها صاحبها وجاهر بها».