بدأت قوة مشتركة من الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام خطة انتشار أمني واسعة في ضاحية بيروت الجنوبية عصر أمس، بعد أن ارتفعت الاعتراضات على تدابير الأمن الذاتي التي قام بها «حزب الله» وحركة «أمل» فيها، بعد التفجيرين اللذين استهدفا منطقتي بئر العبد في 27 تموز (يوليو) والرويس في 15 آب (أغسطس) بسيارتين مفخختين، وبعدما باتت هذه التدابير عبئاً سياسياً وشعبياً على التنظيمين. وفيما توقف مراقبون عند رمزية الخطوة في منطقة كان اقتصر النفوذ الأمني فيها على جهاز الأمن التابع ل «حزب الله»، أكد مسؤولون أمنيون أنها ستشمل مداخل الضاحية وبعض شوارعها لكنها لن تشمل انتشاراً في عمق أحيائها وشوارعها الفرعية. وذكّر بعض الأوساط بأنه سبق للقوى الأمنية أن نفذت انتشاراً على مداخل الضاحية قبل زهاء سنة. وإذ يهدف هذا الانتشار الى قطع الطريق على تدابير أمن ذاتي أخرى في مناطق أخرى، فإن 1100 عنصر من القوى العسكرية والأمنية الثلاث توزعت مداخل الضاحية الجنوبية وأحياءها وأقاموا حواجز بديلة من تلك التي أقامها «حزب الله» و «أمل»، وبدعم من قيادتيهما. وقالت مصادر أمنية ل «الحياة» إن 500 من الجيش سيتولون 14 مدخلاً ونقطة فيما يتولى 450 عنصراً من قوى الأمن الداخلي 30 مدخلاً ونقطة من الضاحية، بينما يتولى 150 عنصراً من الأمن العام 8 نقاط ومداخل، من أصل أكثر من 66 مدخلاً ونقطة في المنطقة. وأقيمت غرفة عمليات خاصة وموحدة لهذه القوة لمتابعة عملية الانتشار والتدابير التي ستتخذها هذه القوى في حفظ الأمن الاحترازي في مواجهة مخططات التفجيرات الأمنية التي لدى الأجهزة الأمنية معلومات عن إمكان حصولها، فضلاً عن أنها ستقوم بقمع المخالفات والجرائم العادية وملاحقة المخلين بالقوانين. وجالت «الحياة» على أحياء الضاحية أمس قبل ساعات قليلة من تنفيذ خطة الانتشار والتقت عينة من المواطنين الذين امتدحوا الخطوة. ولقي انتشار القوى الأمنية استحساناً من القوى السياسية، فيما شكك بعضهم من خصوم «حزب الله» بنجاحها. وقال وزير الداخلية مروان شربل الذي انتقل الى مركز انطلاق القوى الأمنية إن الخطوة «مهمة على المستويين الداخلي والخارجي ووردتنا اتصالات من الخارج تشكر الدولة اللبنانية على الخطوة». وأضاف: «الأجهزة الأمنية تنتشر على الأرض لنقول للمواطنين إن الدولة موجودة وإن يكن في بعض الأمكنة هناك بعض التقصير، وهو ليس مفتعلاً، بل لأن لدينا حاجة كبيرة لبعض المعدات والعناصر، وإن شاء الله بمعاونة الجميع تنجح هذه المهمة ويطمئن المواطن الى أن الدولة موجودة لحمايته». وشدد على أهمية «ألا يشكك بعضنا ببعض الآخر، دعونا نجرب، وبالتجربة تتبيّن الأمور». وأشار الى أن استدعاء الاحتياط سيتم لسد ثغرات موجودة في المكاتب والإدارة وتمنى ألا يحصل أي خلاف على أي حاجز. ورداً على سؤال عن تجاوب «حزب الله» مع الخطوة سأل: «هل تعتقدون أن حزب الله كان مرتاحاً للحواجز (الأمن الذاتي والحزبي). أنا على اتصال معهم ولم يكونوا مرتاحين وكان سيحصل بعض النفور بينهم وبين المواطنين في الضاحية. وفي مرحلة معينة الفراغ على الأرض سببه عدم استطاعتنا كدولة القيام بواجباتنا». وقال: «طلبنا تطويع ألفي عنصر لقوى الأمن ودعونا لا نقول إنه لا يوجد مال، يوجد مال. ويجب صرف الغالي والرخيص للحفاظ على الأمن». وأكد أن الدولة اللبنانية «لن تسحب القوى الأمنية من الضاحية لأي سبب». وإزاء المطالبة بخطة انتشار في طرابلس، قال الوزير شربل إن الخطة في شأنها في طور الدراسة، «وستحصل اجتماعات مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ويمكن الوصول الى حل في المدينة بالطريقة نفسها وسنتواجد في طرابلس». في هذا الوقت بدأ رئيس الجمهورية ميشال سليمان لقاءاته في نيويورك حيث يرأس وفد لبنان الى الجمعية العمومية للأمم المتحدة ويلقي كلمة لبنان فيها، فالتقى في مقر إقامته الموفد الخاص للأمين العام في شأن الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي وبحث معه التحضيرات لعقد اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان وموضوع النازحين السوريين. كما التقى سليمان موفد الأمين العام الى ليبيا الوزير السابق طارق متري. ورحب الامين العام ل حزب الله» السيد حسن نصرالله بخطوة انتشار القوة الأمنية في الضاحية، وأمل «ان تتحمل الدولة ومسؤولوها واجباتهم القانونية تجاه كل المناطق اللبنانية». وقال: «ندعم المناشدات التي خرجت من طرابلس ونتمنى ان تكون كل المدن والبلدات اللبنانية محصنة بسياج الدولة». ووجه نداء إلى «جميع سكان الضاحية الجنوبية والوافدين اليها أو العابرين منها إلى التعاون والإيجابية والاحترام وتقبل إجراءات وتدابير وحواجز هذه القوى الأمنية والعسكرية. ورد سبب تحمل الحزب مسؤولية أمن الضاحية إلى «فراغ قائم وموجود واضطررنا إلى إقامة حواجز وتدابير وتفتيش لمنع دخول سيارات مفخخة فقط وإلا أي شأن أمني آخر هو مسؤولية الدولة ولا نتدخل به». وقال «نرفض الأمن الذاتي ولم يكن من ثقافتنا ولم نمارس أمناً ذاتياً يوماً من الأيام والذي مارسه معروف». واعتبر أن «المشكلات التي حصلت على الحواجز أنها تحصل مع الجميع ومع الجيش تحصل. ومن يتحمل مسؤولية بالحجم الذي تحملناه في الضاحية على مدى أسابيع وفي أماكن أخرى هي مشكلات طبيعية بل هي الحد الأدنى المتوقّع». ووصف «بعض الذين نددوا بالإجراءات الأمنية من قبل الحزب والإساءة إليه»، بأنه «سعيد بأن يقتل الناس في الضاحية وربما في طرابلس، ويحزنهم أن نوفق لمنع ذلك». وأعلن نصرالله «أننا توصّلنا الى نتائج حاسمة وأصبح لدينا بوضوح من هي الجهة التي نفذت تفجير الرويس (في 15 آب/ أغسطس) ومن هي الجهة المشغّلة وبعضهم لبنانيون وبعضهم الآخر من المعارضة السورية الذين يعملون على الأراضي السورية». وقال إنها جهة تكفيرية ولن يذكر الأسماء التي ستوضع في عهدة الدولة التي تبني على الشيء مقتضاه. وتناول نصرالله ما قيل عن لسان مسؤولين أميركيين وشخصيات في ائتلاف المعارضة السورية عن أن معلوماتهم أن النظام السوري سلّم «حزب الله» سلاحاً كيماوياً وأنه ألف طن والبعض أخذ يحدد بأنه نقل الى البقاع... واصفاً ذلك بأنه اتهام مضحك كأن السلاح الكيماوي ينقل كالطحين والقمح. ونفى بشكل قاطع وحاسم هذه الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة. وقال «إن الأخوة في سورية لم يفتحوا معنا في أي يوم من الأيام بحثاً في مسألة السلاح الكيماوي. وبالنسبة إلينا، إضافة الى مخاطر اقتناء السلاح الكيماوي، فهناك محاذير دينية لذلك. وهذا أمر محسوم. وبالنسبة إلينا حتى استخدام الموضوع في الحرب النفسية غير وارد» (مع إسرائيل). وقال إنه إذا كان الأميركي يريد أن يلعب اللعبة فإني أتمنى على الخصوم السياسيين في لبنان أن ينتبهوا الى أن لهذا الاتهام تداعيات خطيرة. ونفى نصرالله أن يكون في نية الحزب مدّ شبكة اتصالات سلكية في مدينة زحلة قائلاً إن بعض الذين اتهموه بذلك يخوضون بطولات وهمية. وأكد نصرالله أننا جاهزون للذهاب الى الحوار حتى لو لم يأت إليه بعض المعترضين من الخصوم. وقال إن للحزب شرطاً واحداً في ما يخص تأليف الحكومة هو أن تتمثل الكتل بحسب أحجامها. وقال إن صيغة 8+8+8 هي فعلياً 10+8+6، لأن الرئيس المكلّف تمام سلام والوزير الذي معه يضافان الى حصة 14 آذار. وانتقد الاتهام السعودي ل «حزب الله» بأنه يحتل سورية معتبراً أن سبب ذلك هو الفشل في السياسة التي تتبعها في سورية، كما حمل بشدة على حكومة البحرين وكيفية معالجتها للحركة الاحتجاجية.