سعود بن نايف يدشن الخدمات الرقمية والكاميرات الذكية بالشرقية    آل الشيخ يرأس وفد المملكة في الاجتماع البرلماني الأممي    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    مكالمة السيتي    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    تبدأ من 35 ريال .. النصر يطرح تذاكر مباراته أمام السد "آسيوياً"    هيئة الشورى توافق على تقارير الأداء السنوية لعدد من الجهات الحكومية    «سعود الطبية» تستقبل 750 طفلاً خديجاً    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    أعضاء حكومة ترمب.. الأهم الولاء والتوافق السياسي    لغز البيتكوين!    الوعد ملهم.. العام المقبل    وزير التجارة: الاهتمام بالجودة لم يعد خيارًا بل واجب وطني تجسد في رؤية 2030    95 % إشغال فنادق الرياض خلال إجازة منتصف العام    الله عليه أخضر عنيد    «الأخضر» جاهز للقاء إندونيسيا.. ورينارد يكاشف الإعلام    الخليج يضرب أهلي سداب بفارق 21 هدفاً    وزير الدفاع يستقبل وزير القوات المسلحة الفرنسية    ستة ملايين عملية عبر «أبشر» في أكتوبر    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    أعاصير تضرب المركب الألماني    المملكة تقود المواجهة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات    سعودي يفوز بجائزة أفضل إخراج سينمائي في نيويورك    علاقات أمريكا والصين غموض مستمر وقلق يتصاعد    مجمع الملك سلمان يطلق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    للمملكة فضل لا يُحدّ    للمرة الأولى دعوة لاعتبار هجمات إسرائيل على غزة إبادة جماعية    تكريم رجال أمن بالطائف    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    رابطة العالم الإسلامي تدين استهداف قوات الاحتلال لوكالة "أونروا"    انتظام 30 ألف طالب وطالبة في أكثر من 96 مدرسة تابعة لمكتب التعليم ببيش    وزير الدفاع والسفير الصيني لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    موافقة خادم الحرمين الشريفين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    إحباط 3 محاولات لتهريب أكثر من 645 ألف حبة محظورة وكمية من مادة «الشبو»    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    نائب وزير الخارجية يستقبل السفير الأمريكي لدى المملكة    جمعية "إرادة" تحقق الذهبية في جائزة التجربة التعليمية    وزير الصحة: 10 % نموي سنوي لقطاع الأدوية بالمملكة    تدشين 3 عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    نمو سجلات الشركات 68% خلال 20 شهراً منذ سريان نظام الشركات الجديد    القمر الأحدب يقترن بكوكب المشتري اليوم    حملة ميدانية على الباعة الجائلين المخالفين في غرب الدمام تسفر عن مصادرة 168 طنًا من المتروكات    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    «الطاقة»: السعودية تؤكد دعمها لمستقبل «المستدامة»    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    5 فوائد صحية للزنجبيل    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    المتشدقون المتفيهقون    السخرية    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    وطنٌ ينهمر فينا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عنصرية «باسم الدِين»
نشر في الحياة يوم 24 - 09 - 2013

من أكثر الأمور التي نتفاخر بها نحن المسلمين ونعتد بها، هو أن جوهر الرسالة الحقيقية التي جاء بها الإسلام تحقيق مبدأ العدالة والمساواة بأرقى مستوياتهما، ومقاومته ورفضه كل المبادئ والقيم التي كانت تقوم على أساس الاعتزاز بالنسب والانتماء والتعصب القبلي وتمجيد رابطة الدم ورفع شأنها فوق أية رابطة أخرى، وطالما حفظ الصغار فضلاً عن الكبار، ورددوا الأثر الشهير، «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى»، وهذه حقيقة معروفة، ولكننا في مقابل تلك الحقيقة النقية الصافية نعيش في أزمة انفصال وتباعد بين المبدأ والقيم والمثال الروحي المتعالي والواقع المادي الغليظ، فالعديد من تلك القيم والمبادئ الإسلامية السامية في تحقيق المساواة بين الناس بصرف النظر عن ألوانهم أو أجناسهم أو أعراقهم أو أنسابهم، سرعان ما تتلاشى ولا نجد لها مكاناً في واقعنا الذي نعيش فيه، وأسوأ ما يمكن تصوره أو تخيله هو أن نمارس النقيض لتلك المبادئ والقيم باسم الإسلام أو تحت غطاء أو عباءة الشريعة، بل ما هو أسوأ من ذلك في أن يكون القضاء وهو الأساس في تطبيق العدالة والفصل بالعدل والحق بين الناس يمارس ذلك في بعض الحالات!
أخيراً، نشرت إحدى الصحف المحلية بحسب مصدر في وزارة العدل أن المحاكم الشرعية خلال الأشهر ال10 الماضية من العام الحالي شهدت 16 طلب فسخ نكاح بحجة عدم «تكافؤ النسب»، أي بأن يتم النظر في طلب قريب للمرأة بهدم كيان أسري مضى عليه أعوام لا لشيء سوى اختلافهما في النسب، في وقت ظن الكثيرون فيه أن الجهات القضائية توصلت بالشرع والمنطق والعقل وبعد الوقوف على العديد من الحالات والحوادث طوال الأعوام الماضية إلى رفض قبول مثل تلك الدعاوى وإقفال ذلك الباب بصورة نهائية، فنحن منذ 2006 شهدنا وتابع إعلامنا المحلي والإعلام العالمي تطورات وفصول أشهر قضية «تكافؤ نسب»، وجرى ما لا يمكن حصره من النقاشات والكتابات النقدية حول هذه القضية، حتى أسدل الستار عليها في 2010 بإبطال المحكمة العليا حكم التفريق بينهما، بعد أن صدر التوجيه بإعادة النظر فيها، وما بين بداية تلك الحادثة حتى نهايتها شهدنا العديد من الحوادث المشابهة لها، ولكن المشهد الأخير فيها لم يقد طرفي القضية إلى بلوغ بر الأمان والاستمرار في خيارهما بالارتباط والعيش معاً، وكانت كلمة الفصل للقضاء بالتفريق بينهما، والوقوف أمام حرية اختيارهما وتقرير مصيرهما، ونحن الآن في نهاية 2013 ولا تزال تلك القضايا تطرق أبواب محاكمنا، وتجد من يستقبلها!
إن الحكم بالتفريق بين الزوجين بحجة عدم كفاءة النسب بتنظيره الشرعي وتطبيقه القضائي لا يخفى على الكثيرين أنه يتصادم مع مبادئ الإسلام السامية واعتبار الناس سواسية، فمن حيث الناحية الشرعية، فهذا أبرز علماء هذه البلاد الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، يقول: «لو أن شخصاً قبيلياً زوّج ابنته برضاها برجل غير قبيلي، ومضى على زواجهما سنين، وأنجبت منه أولاداً، وجاء ابن عم لها، وقال أنا لا أرضى، وطالب قضاء بفسخ نكاحها، فإن قبول فسخ نكاحها وإفساد حياتها من أجل ابن العم لا يمكن قبوله لا ذوقاً ولا شرعاً، ولا يمكن للشريعة أن تأتي بمثل هذا، ولكن بعض العلماء يضع بعض القواعد ولا يفكر بالنتائج، والأولى بنا أن نكون على شجاعة ونكسر هذه الجاهلية والعادات المبنية على أقوال ضعيفة، ونقول الإنسان حر في نفسه طالما أن المرأة موافقة وولي أمرها، فليس لأحد الحق في فسخ النكاح ما دام النكاح صحيحاً»، بل حتى إن الشيخ حينما سُئل عن تزويج اللقيط، أجاب مستنكراً بقوله وما هو ذنب هذا المسكين حتى لا يزوج! ومثل هذا التقعيد الشرعي والإنساني هو ما يفتقده كثير من قضاتنا الذين قد لا يكترثون للعواقب الوخيمة المترتبة على العمل والأخذ بقول مرجوح قد يتسبب في تشتيت الأسر وضياع الأبناء.
ومن الناحية النظامية، فإن هذه التطبيقات القضائية تخالف وتناقض المادة ال12 من النظام الأساس للحكم التي تنضوي تحت الجزء المعنون ب«مقومات المجتمع السعودي» التي تنص على «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام»، ولا جدال في أن إنهاء حياة زوجية دامت أعواماً، وما يتبعها من آثار مستقبلية، بحجة اختلاف الأنساب، يعمق من العنصرية والتعصب الموجود في المجتمع، وكذلك فهذه التطبيقات القضائية تصادم مواثيق حقوق الإنسان الدولية، فالاتفاق الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي انضمت إليها المملكة 1997 نصت على أن عاتق الدول المنضمة إليها منع أشكال التمييز العنصري كافة، باتخاذ إجراءات نظامية أو إدارية لمنعه والمعاقبة عليه.
إن المعالجة التشريعية على رغم ضرورتها لهذا الملف لن تكون وحدها كافية، فالمهمة صعبة، ف«التعنصر» خالط النفوس حتى انعجنت به، فهو يجري منها جريان الدم، ويسري فيها سريان الحياة، فنحن بحاجة إلى توجه عام، تتضافر فيه جهود كل المؤسسات التعليمية والإعلامية في محاربته باختلاف صوره، وأخص الدينية منها، حتى يمكننا الوصول إلى مرحلة يستطيع فيها أفراد هذا المجتمع أن ينظروا إلى بعضهم البعض بمنطق «المساواة».
* كاتب سعودي.
[email protected]
@hasansalm


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.