لم تمنع أزمة النفط ولا الركود التضخمي «ستاغفلايشن» في عهد الرئيس جيمي كارتر، من إطلاق هذا الإسم الاحتفائي على اسطوانة مُدمَجة وُضِعَت على متن «فوياجر-1». وضمّ ذلك «السجّل أشياء متنوّعة بدا الهدف منها شيئاً غرائبياً في العام 1977: شرح حضارة البشر لأبناء الحضارات الاخرى في الكون! ولأنها صُمّمت (وكذلك توأمتها «فوياجر-2»، وهما أطلقتا في تواريخ متقاربة) بهدف التجوال في الكون الفسيح، حُمّلت «فوياجر-1» و «فوياجر-2» بسجلّ يحتوي رسوماً وتسجيلات صوتيّة وخرائط مبسّطة وجداول رياضية، هدفها شرح حضارة الانسان وتطوّرها، لمن ليس لديه أدنى فكرة عنها. يتمحوّر «سجل الذهب» على فكرة مفادها تبيان أن الكوكب الأزرق، وهو ثالث كوكب سيّار في المنظومة الكواكبية التي تدور حول الشمس، احتوى مياهاً وأشكالاً حيّة وكائنات متطوّرة لديها ذكاء راقٍ، بل إنها ارتقت بهذا الذكاء من مرحلة سكنى الكهوف إلى صنع مركبات فضاء تجوب أرجاء الكون. إذاً، ليس «سجلّ الذهب» إلا شرحاً تبسيطياً لتاريخ الإنسانيّة نفسها. أشرف على وضع هذا السجلّ عالِم الفلك الراحل كارل ساغان الذي فُتِنَ بفكرة أن الكون مملوء بالحضارات الذكيّة، وأن بعضها ربما لاحظ «فوياجر» والتقطها، ما يوجب تضمينها شروحاً عن صُنّاعها وتاريخهم. وحرص ساغان على التنوّع في هذا السجل، كي لا يكون تاريخاً أميركياً وغربيّاً، فضمّنة أشياء تعبّر عن حضارات شعوب عدّة. وفي لقاء مع «الحياة» قال عالِم الفلك اللبناني جورج حلو، وهو من نخبة لبنانيّة وعربيّة تعمل في «الوكالة الأميركية للطيران والفضاء» («ناسا»)، إنه شارك في وضع «سجل التاريخ»، إذ احتاج ساغان الى شخص من شعوب البحر الأبيض المتوسط يشرب من الإبريق، بالطريقة المتّبعة في تلك المنطقة. ولم يجد سوى حلو الذي حمل الإبريق وشرب منه أمام كاميرا رقميّة (كانت غير موجودة إلا في مراكز علميّة متقدمة في ذلك الوقت). ثم حوّلت تلك الصورة الى رسوم منقوشة في «سجلّ الذهب»!