شهرزاد ليس اسمها. كلا. ولم ترو حكايات تدوم ألف ليلة وليلة. اسمها «فوياجر 2» مع Voyager 2، وروت حكايات عن الشمس وكواكبها وكوكباتها ونيازكها، على مدار 12 ألف ليلة وليلة. تستحق لقب المركبة الخارقة، إذ استطاعت ان تطير في الفضاء، وأن تلامس الأطراف الأخيرة لجاذبية الشمس. وقطعت المركبة ما يزيد على 21 ألف مليون كيلومتر منذ أطلقها «مختبر الدفع النفاث» (تابع لوكالة «ناسا» الأميركية) في 20 آب (أغسطس) 1977، أثناء تولي الرئيس الديموقراطي جيمي كارتر سدّة الرئاسة في الولاياتالمتحدة. وصارت على بُعد 14 ألف مليون كيلومتر من الشمس، ملامسة تلك الفقاعة الهائلة التي «تُطوّق» بها الشمس نظامنا الكواكبي. بديهي القول ان تلك الانجازات عجزت عنها مركبات الفضاء جميعها، ما عدا زميلتها «فوياجر 1» التي أطلقت من «مختبر الدفع النفاث» عينه، في الخامس من أيلول (سبتمبر) 1977. وتحلق «فوياجر 1» على بعد 17 ألف مليون كيلومتر من الشمس، كما يتوقع ان تتم 12 ألف يوماً فضائياً في 13 تموز (يوليو) الجاري، حين صل مشوارها الى 22 بليون كيلومتر. واللافت ان مركبتي «فوياجر» ما زالتا سائرتين في هذا الماراثون الفضائي، لحد الآن. الأكثر أهمية هو ان مختبر الدفع النفّاث ما زال يتلقى إشارات منهما، على رغم مرور 33 عاماً على رحلتهما الخرافية، وعلى رغم بلايين الكيلومترات التي تفصلها عن الأرض. وحققت «فوياجر 2» جمعاً من الانجازات العلمية، إضافة الى إنجازها الأهم المتمثل في كونها أول جسم ينطلق من الأرض وينجح في عبور النظام الشمسي كله والخروج من أسر جاذبية النجم - المركز لهذا النظام (=الشمس). وقد اكتشفت البقعة السوداء الكبيرة على زحل، حيث رصدت «رياحاً» تهب بسرعة 450 متراً في الثانية. والطريف انها «ستتأخر» عن زميلتها «فوياجر1» في الخروج نهائياً من النظام الشمسي، بعد قرابة 5 سنوات، والدخول في الفضاء النجمي، على رغم انها انطلقت قبل هذه الزميلة! وفي زمن إطلاق المركبتين، ساد شعور بأن الإتصال بين حضارة البشر وإحدى حضارات الكون، ليس أمراً بعيداً. ولذا، حملت مركبتا «فوياجر» مواد تعرّف بالحضارة الإنسانية.