قُدر للمرأة السعودية أن تكون عضواً في مجلس الشورى للمرة الأولى في تاريخ المملكة، وذلك بعد مرور نحو ثمانية أعوام على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في البلاد، وظلت المرأة طيلة الأعوام الماضية، مشاركة رئيسة في صنع الكثير من قرارات الإدارات الحكومية التي تبوأت فيها مناصب رفيعة، وصولاً إلى التصويت على مشاريع قرارات حكومية في مجلس الشورى، ومن أهم القرارات التي أسهمت في صنعها خلال الفترة الحالية، هي سن أنظمة للحماية من العنف في المجتمع، والمطالبة بالحصول على حقوقها. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله قال في كلمته التاريخية - لحظة افتتاح أعمال الدورة السادسة لمجلس الشورى أمام أعضاء المجلس الجدد - «إن هدف الجميع، بعد التوكل على الله، تفعيل أعمال المجلس بوعي، أساسه العقلانية»، مضيفاً: «يسعدني أن ألتقي بكم بافتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة السادسة لمجلس الشورى في أول دورة تشارك فيها المرأة، سائلاً أن يمدكم الله بسداد الرأي والمشورة، وهدفنا جميعاً تفعيل أعمال المجلس بوعي أساسه العقلانية، بعيداً عن العجلة التي تحمل ضجيجاً بلا نتيجة». وشدد الملك عبدالله على أن «وجود أعضاء وعضوات مجلس الشورى ليس تشريفاً بل تكليف وتمثيل لشرائح الشعب السعودي». وكان خادم الحرمين الشريفين أصدر مطلع العام الحالي مرسوماً بإعادة تشكيل مجلس الشورى، إذ يضم 150 عضواً بينهم 30 امرأة يتمتعن بعضوية كاملة في المجلس، إذ يشكلن خمس أعضاء المجلس، ونسبة 20 في المئة. ولاقى دخول المرأة في مجلس الشورى، استحسان كثير من شرائح المجتمع، وأوضحت دراسة نفذها مركز «الأميرة جواهر بنت نايف لدراسات وأبحاث المرأة»، تأييداً من جانب الرجال لمنح المرأة عضوية مجلس الشورى. كما أبدوا «تفاؤلاً» بالدور الذي تلعبه تحت قبة المجلس. وأجرى المركز التابع لصندوق «الأمير سلطان بن عبدالعزيز لتنمية المرأة»، تحليلاً لنتائج الدراسة التي شارك فيها 200 رجل، مقابل ألفي امرأة، جميعهم يقطنون المنطقة الشرقية. وناقش الدرس الذي نفذ بالتعاون مع مركز الأممالمتحدة الإنمائي، تداعيات السماح بمشاركة المرأة في مجلس الشورى والمجالس البلدية لناحية الانتخاب والعضوية، ومشاركة المرأة في القرار السياسي في شكل عام، وإعداد خطة شاملة لمعرفة آراء ومتطلبات المجتمع لتهيئته لهذه النقلة، وأيد 73.5 في المئة من النساء اللاتي أدلين بأصواتهن في الدرس، مشاركة المرأة في مجلس الشورى، في مقابل 69.9 في المئة بين الرجال، و58.2 في المئة من النساء، و43 في المئة من الرجال، اتفقوا على أن «المرأة ستؤدي مسؤوليتها على أكمل وجه» من خلال هذه المشاركة. فيما رأت 51.6 في المئة من النساء، و45.2 في المئة من الرجال، أن مشاركة المرأة في مجلس الشورى «ستثري في شكل إيجابي»، وفي المقابل توقع 22.8 في المئة من النساء، و30 في المئة من الرجال، سلبيات لدخول المرأة في المجلس. ورأى 42.2 في المئة من النساء، أن من مواصفات المرأة التي يتم ترشيحها لمجلس الشورى أن تكون «شابة متحمسة لقضايا المرأة». أما الرجال ففضل 31.9 في المئة منهم أن تكون «شخصية إعلامية»، وأجمع 28.4 في المئة من النساء على أن من أهم القضايا التي يرغبن في أن يطرحها أعضاء مجلس الشورى من النساء «زيادة فرص عمل النساء»، أما 21.9 في المئة من الرجال فرأوا أن «العنف ضد المرأة (الأسري والاجتماعي) أهم قضية للطرح. كما تبين أن 41.2 في المئة من النساء يرغبن في ترشيح أنفسهن لنيل العضوية. وعلقت نائب الأمين العام للصندوق هناء الزهير في وقت سابق ل«الحياة» على النتائج الأولية للدرس قائلة: «قامت المستشارة في الأممالمتحدة غادة عصمان بمقابلة 25 شخصية بارزة، وناقشت معهم قضايا عدة، أبرزها التشريعات والقوانين النسائية والتقنيات الحديثة، وغيرها من القضايا التي تشكل أهمية للمرأة السعودية»، لافتة إلى أن من أبرز النقاط التي ركز عليها الدرس «القضايا التي يعاني منها المجتمع النسائي بالخصوص، وتحديد المواصفات الواجب توافرها في المرشحات اللاتي يشاركن في صناعة القرار». وقالت وزيرة العمل والشؤون الكويتية ذكرى الرشيدي، في تصريح صحافي سابق: «إن صدور الأمر الملكي بتخصيص خمس مقاعد في مجلس الشورى للنساء، وتعيين 30 سيدة سعودية في المجلس هي سابقة في تاريخ المملكة، ما يعبر عن تقدير مستحق من أهل الحكم للمرأة». وأضافت: «نحن على ثقة من قدرات المرأة السعودية في الاضطلاع برسالتها وقدرتها على الدفع بالمرأة إلى الصفوف الأمامية، وطرح جميع قضاياها حتى تنال حقوقها من دون تمييز أو إقصاء في ضوء قيم المملكة وديننا الحنيف». وتابعت: «نؤكد دعمنا في الكويت لشقيقاتنا في المملكة، معتزين بدور المرأة السعودية في مجتمعها وجدارتها بالمشاركة في جميع ميادين العمل العام، شأنها شأن شقيقاتها في المجتمع الخليجي والعربي، ولا ينقصها إلا الدعم السياسي من أهل الحكم الذي كانت باكورته هذين الأمرين الملكيين لخادم الحرمين».