تشهد المملكة منذ نحو عقد من الزمن طفرة تنموية عمت أرجاء الوطن، من خلال مشاريع البناء في كل القطاعات، إذ أقيمت الجامعات والمدن الاقتصادية والمراكز الطبية في كل منطقة، وتحولت المملكة إلى ورشة عمل ضخمة طموحة، تستهدف تحقيق رفاهية وأمن واستقرار المواطن، وإيجاد حلول جذرية للعديد من القضايا المصيرية، وفي مقدمها قضية التعليم والصحة والإسكان وتوفير العيش الكريم لكل أبناء الوطن. ويعمل بالموازاة تطور كبير في جوانب التشريع والأنظمة، تتسق مع بعضها مشكلة «إيقونة» في التنمية بجانبيها «التنفيذي»، و»التشريعي»، فتحققت إنجازات تنموية غير مسبوقة اتسمت بالشمولية والتكامل، لتحقق معدلات نمو عالية في مختلف القطاعات والأنشطة، وانعكاسها على تعزيز المستوى المعيشي. واتخذ خادم الحرمين الشريفين مجموعة واسعة من القرارات والإجراءات الهادفة إلى إعادة هيكلة وتنظيم الاقتصاد وتحديث الأنظمة، بما يعزز رفع مستوى كفاءة وتنافسية الاقتصاد، ودعم التشغيل الأمثل لعوامل الإنتاج، علاوة على العمل على توفير إطار تنظيمي وإداري متطور، وبيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية لتحقيق تنوع في البيئة الاقتصادية والإنتاجية بهدف استمرار إيجاد فرص وظيفية لأبناء وبنات الوطن. وسجل القطاع غير النفطي خلال الفترة من عام 2005، حتى نهاية عام 2012، نمواً سنوياً حقيقياً بمتوسط 8.2 في المئة، وسجل ميزان المدفوعات فائضاً بلغ 3.1 تريليون ريال، فيما بلغت المصروفات الفعلية للمالية العامة نحو 4.7 تريليون ريال. كما شهد تراجعاً في نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي من 39.2 في المئة نهاية عام 2005 إلى 3.6 في المئة فقط بنهاية عام 2012، في الوقت الذي سجل فيه القطاع المصرفي نمواً قوياً ومتواصلاً خلال تلك الفترة متجاوزاً بقوة تداعيات الأزمة المالية العالمية، وارتفع إجمالي موجودات المصارف بمعدل تجاوز الضعف من نحو 759 إلى 1734 بليون ريال. وحقق القطاع الخاص إسهاماً في الناتج المحلي الإجمالي، إذ ارتفعت إسهاماته من 47.7 في المئة في 2005 إلى 58.2 في المئة في 2012، وهو ما يعد إنجازاً مميزاً نظراً للتوسع المطرد الذي شهده الاقتصاد السعودي. وأظهرت التقارير الخاصة في شأن أداء المملكة في مجال الصادرات غير البترولية والتجارة الخارجية، تطوراً ملحوظاً في هذا المجال الحيوي، وارتفعت قيمة الصادرات السلعية للمملكة من 677 بليون ريال في 2005 إلى 1485 بليون ريال في 2012 بزيادة تجاوزت ضعف ما كانت عليه. كما شهدت قيمة الصادرات غير النفطية تطوراً مميزاً وارتفعت من 71 بليون ريال في عام 2005 إلى 183 بليون ريال في عام 2012، وهو ما يعني أنها تضاعفت أكثر من مرة ونصف المرة نتيجة للسياسات التجارية الجديدة. كما شهدت نسبة الصادرات غير النفطية إلى الواردات تحسناً وارتفعت من نحو32 في المئة في عام 2005 إلى أكثر من 34 في المئة في 2012، وذلك على رغم أن المملكة تعيش نهضة عمرانية ومشاريع ضخمة تستوجب استيراد مواد وتجهيزات أساسية. فيما تم اعتماد العديد من المشاريع التنموية في مجال تعزيز وتحديث البنية التحتية شملت عدداً من المجالات مثل الطرق، والمطارات، والاتصالات، والمياه والكهرباء، والخدمات الصحية والتعليمية، إضافةً إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي يُعد استثماراً طويل الأجل في الموارد البشرية التي تعتبر الثروة الحقيقية للوطن. وحافظت المملكة على معدلات تصنيف سيادية مرتفعة لملاءتها المالية من مؤسسات التقويم الدولية وكان آخرها حصولها من مؤسسة فيتش العالمية على تقدير AA- للتصنيف الائتماني، مع نظرة مستقبلية إيجابية، ما يؤكد متانة اقتصادها وقوة مركزها المالي، ونجاح السياسات المالية والاقتصادية التي تنتهجها، ما يؤكد أن الثقة كبيرة وراسخة بأن يستمر النمو القوي والتنمية الشاملة للاقتصاد السعودي، ونما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة بمعدل نمو سنوي متوسط قدره 3.4 في المئة خلال خطة التنمية الثامنة، وتواصل هذا النمو خلال الأعوام الثلاثة الأولى من خطة التنمية التاسعة، إذ بلغ 7.6 في المئة في المتوسط، ما كان له أثر واضح في ارتفاع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من نحو 45.6 ألف ريال في 2004 إلى نحو 62.3 ألف ريال في 2012 بزيادة إجمالية بلغت نسبتها نحو 36.6 6 في المئة خلال الفترة المذكورة. وتبوأ الاقتصاد السعودي مكانة مرموقة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، إذ حافظ على مكانته كأكبر الاقتصادات العربية وأكثرها حيوية، لامتلاكه أكبر قاعدة صناعية وأكبر قطاع تجاري وأكبر سوق مالية على المستوى الإقليمي العربي، وأصبحت المملكة عضواً في مجموعة ال20 التي تضم أكبر 20 اقتصاداً في العالم. واحتلت المملكة وعلى مدى أعوام متتالية مراتب مرموقة في تقارير الاستثمار والتنافسية العالمية، إذ جاءت في المرتبة 22 عالمياً من بين 185 دولة وفي المرتبة الأولى خليجياً في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال ضمن تقرير ممارسة أنشطة الأعمال doing business لعام 2013 الصادر عن البنك الدولي. كما أحرزت المملكة المرتبة 18 من بين 144 دولة في مؤشر التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعامي 2012-2013، وسجلت المرتبة التاسعة عالمياً في مؤشر الاستقرار الاقتصادي، متقدمة بذلك على العديد من الدول النامية وبعض الدول المتقدمة، في إشارة واضحة إلى قوة الاقتصاد السعودي وضعف تأثره بالتغيرات الاقتصادية والمالية العالمية. كذلك أعلنت مؤسسة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني بتاريخ 20/3/2013 عن تغييرها للنظرة المستقبلية للتصنيف السيادي للمملكة من مستقر إلى إيجابي عند درجة عالية –AA، ويأتي هذا الإعلان تأكيداً لمتانة اقتصاد المملكة وقوة مركزها المالي.