سجلت اليابان في آب (أغسطس) الماضي عجزاً تجارياً للشهر ال14 على التوالي، وهي أطول فترة متواصلة في هذا المجال تمر فيها اليابان منذ السنة المالية 1979 - 1980. وتجاوز العجز أكبر التوقعات وبلغ 9.8 بليون دولار في آب، ونمت الواردات بمعدل 16 في المئة على أساس سنوي في آب، وهو أقل من المعدل المسجل في تموز (يوليو) البالغ 19.6 في المئة، إلا أن الواردات كانت متزايدة منذ نهاية عام 2012، بعد القرار الحاسم لرئيس الوزراء بتسهيل القيود النقدية في محاولة لإخراج الاقتصاد من حال الانكماش. وأشار تقرير صادر عن شركة «آسيا للاستثمار» إلى أن القرار الحاسم لرئيس الوزراء شينزو آبي، سبّب انخفاض سعر صرف الين أمام الدولار بمعدل 14 في المئة حتى الآن خلال هذا العام. في المقابل، زاد ضعف الين كلفة واردات النفط الخام والغاز الطبيعي، التي تمثل أكثر من ثلث الواردات اليابانية. وارتفعت كلفة الطاقة حوالى 18 في المئة على أساس سنوي في آب، بينما واصل الين انخفاضه وشهدت أسعار النفط ارتفاعاً بسبب المخاوف من هجوم عسكري ضد سورية. إلا أن انخفاض سعر صرف الين ساعد على تحسين تنافسية اليابان عالمياً، حيث واصلت الصادرات ارتفاعها وقد تتخطى الواردات في الشهر المقبل للمرة الأولى منذ 14 شهراً، خصوصاً إذا تواصل التعافي التدريجي في الولاياتالمتحدة ومنطقة اليورو. وارتفعت الصادرات بمعدل 14.7 في المئة على أساس سنوي في آب، مقارنة بحوالى 12.2 في المئة في تموز. العلاقة مع الزخم الاقتصادي العالمي ويعد الميزان التجاري الياباني من المؤشرات القيادية للاقتصاد العالمي. وتشديداً على هذا، أشار مصرف «غولدمان ساكس» إلى أن هنالك ارتباطاً نسبته 90 في المئة بين «مؤشره القيادي العالمي» وبين الميزان التجاري الياباني تفرقهما فترة ثلاثة أشهر، بحيث قد يدل تدهور الميزان التجاري الياباني على تراجع في الزخم الاقتصادي العالمي على المدى المتوسط. ويتوجب على هذا العجز التجاري المتواصل أن يوفر مزيداً من الدعم للسياسة النقدية الحاسمة لرئيس الوزراء، فقد تحسن قطاع الصادرات في شكل واضح. أما بالنسبة لإمكان استمرار تحسنه، فيشير التقرير إلى أن ذلك يعتمد على عاملين أساسيين: أولهما تعافي الاتحاد الأوروبي، وثانيهما قوة الين. وبالنظر إلى هذين العاملين فإن دول الاتحاد الأوروبي ما زالت من أكبر المستوردين من اليابان، وقد أظهرت إشارات إيجابية ضعيفة للتعافي أخيراً. وساهم التعافي الاقتصادي التدريجي للولايات المتحدة بإلغاء تأثير انخفاض الطلب من أوروبا. أما قوة الين، فتعتمد على ما إذا استمر رئيس الوزراء في سياسته الصارمة. فقد وافق المصرف المركزي الياباني تحت ضغط من آبي على مضاعفة معدل التضخم المستهدف ليصل إلى اثنين في المئة وعلى الالتزام ببرنامج شراء الأصول بدءاً من عام 2014. ومع استمرار الانكماش الاقتصادي في اليابان لسنوات، تأثرت توقعات الناس بانخفاض الأسعار، ما أدى إلى انخفاض حجم الاستهلاك. لهذا، فإذا ظل رئيس الوزراء مصراً على موقفه، فمن المتوقع أن يبقى الين ضعيفاً وأن تشهد اليابان تطورات أكثر على صعيد السياسات الهيكلية والمالية عام 2014. ويُتوقع أن تبقى الواردات عالية بسبب الاعتماد المتزايد لليابان على الطاقة من الخارج، خصوصاً فيما تستعد البلاد لدورة الألعاب الأولمبية عام 2020، وقد خصصت 4.5 بليون دولار للتجهيز لهذه الدورة. وشدد تقرير «آسيا للاستثمار» على أن غالبية واردات اليابان من الطاقة تأتي من الشرق الأوسط، وقد ارتفعت في آب بمعدل 20 في المئة. ويُتوقع أن تشهد اليابان ارتفاعاً في مستوى الإنفاق على البنية التحتية خلال الأعوام المقبلة بسبب الإصلاحات المالية والهيكلية، إضافة إلى التجهيز لدورة الألعاب الأولمبية، ما يرجّح أن تبقى مستويات واردات الطاقة عالية، حيث لا تزال اليابان تكافح لملء الفجوة بين إنتاج الطاقة واستهلاكها.