ترسخ أمس اعتقاد بأن مصر مقبلة على مواجهة مفتوحة بين الحكم وجماعة «الإخوان المسلمين»، ففي حين كثفت السلطات من حملات تجفيف منابع «الإخوان»، تبرأت الجماعة من اعتذار أحد قيادييها للمصريين عن أخطاء ارتكبتها وأظهرت إصرار على المضي قدماً في المواجهة. وبعد يومين من إعلان القيادي «الإخواني» صلاح سلطان الاعتذار عن أخطاء وقعت فيها جماعته، خرج أمس الأمين العام ل «الإخوان» محمود حسين ببيان تبرأ من ذلك الاعتذار، معلناً الإصرار على استمرار الحشد. وكثفت الجماعة دعواتها لتنفيذ «إضراب مدني» غداً يعتمد على تعطيل وسائل النقل في القاهرة عبر التكدس فيها طوال ساعات النهار، فيما واصل أنصارها المشاركة في تظاهرات محدودة أمس غلبت عليها الاشتباكات مع الأهالي وقوات الأمن. وقال حسين في أول تصريح لمسؤول كبير في الجماعة منذ فترة إن رسالة اعتذار سلطان «تمثل وجهة نظره الشخصية ولا تُعبِّر عن الجماعة»، معتبراً أن الأدعى الآن «توحيد الجهود لدحر الإنقلاب العسكري». وإذ أقر حسين الملاحق جنائياً في قضايا عدة بأن الجماعة «تصيب وتخطئ في اجتهاداتها»، لكنه عزا الخطأ إلى «ما يُتاح لها من معلوماتٍ في حينها، والتي ربما تتبين بعد ذلك معلومات أخرى تجعل هذا الاجتهاد المبني على المعلومات السابقة يحتاج إلى تصويب». ورأى أن «الأهم هو توقيت تقويم هذه التجارب الذي نرى أنه ليس الآن»، في ما بدا رفضاً لمراجعات تعول عليها قوى سياسية ومجتمعية لتسويق المصالحة الوطنية مع «الإخوان». وأكد أن جماعته مستمرة «في النضال السلمي حتى تعود الشرعية». وكان مشهد الاشتباكات بين أنصار مرسي من جهة والأهالي وقوات الشرطة من جهة أخرى طغى أمس على تظاهرات محدودة نظمها «الإخوان» أمس، كان أكثرها حدة في السويس والاسكندرية، فيما كانت التظاهرات الأكبر في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) حيث احتشد الآلاف من مؤيدي «الإخوان» أمام مسجد السلام، ورفعوا صوراً لمرسي وإشارات «رابعة»، وهتفوا ضد الجيش وقائده العام الفريق أول عبدالفتاح السيسي. وطوقت قوات الشرطة والجيش ميدان رابعة العدوية تحسباً لمحاولة «الإخوان» التظاهر فيه. وتجمع مئات من أنصار مرسي في شارع الميرغني قرب قصر الاتحادية الرئاسي. وأغلقت قوات الأمن كل الطرق المؤدية إلى القصر بالأسلاك الشائكة لمنع المتظاهرين من الوصول إليه. ووقعت اشتباكات محدودة بين «الإخوان» من جهة ومعارضيهم والأمن من جهة أخرى في مناطق مختلفة من العاصمة، استدعى بعضها تدخل قوات الشرطة التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود والسيطرة على الاشتباكات. وفي المحافظات كانت الاشتباكات أكثر حدة، خصوصاً في السويس التي شهدت تبادل إطلاق النيران بين أنصار مرسي ومعارضيه، ما أسقط جرحى، بعضهم في حال الخطر. ووقعت اشتباكات مماثلة في الإسكندرية والبحيرة والشرقية ومحافظات أخرى. في المقابل، تحولت مراسم تشييع جثمان لواء شرطة سقط مع بداية اقتحام أجهزة الأمن لبلدة كرداسة التي كان يسيطر عليها مسلحون من أنصار مرسي، إلى تظاهرة ضد «الإخوان»، فيما جذب حضور السيسي اهتمام المشيعين الذين هتف بعضهم تأييداً له ورفع آخرون صوره. وشيع الآلاف أمس جنازة مساعد مدير أمن الجيزة اللواء نبيل فراج عقب صلاة الجمعة من مسجد آل رشدان في حي مدينة نصر (شرق القاهرة)، في جنازة عسكرية تقدمها رئيس الوزراء حازم الببلاوي ونائبه الأول السيسي ووزير الداخلية محمد إبراهيم ورئيس أركان الجيش صدقي صبحي. وردد المشيعون هتافات بينها «الشعب يريد إعدام الإخوان». وبالتزامن مع ذلك، تواصلت أمس حملات الدهم لمعاقل مؤيدي مرسي في كرداسة، وارتفع أمس عدد الموقوفين ليصل إلى 87، بينهم امرأة، أمرت النيابة بحبسهم 15 يوماً على ذمة تحقيقات نسبت إليهم تهم «اقتحام قسم شرطة المدينة وقتل ضباطه والتمثيل بجثثهم» منتصف الشهر الماضي. وشكل المجلس القومي لحقوق الانسان أمس لجنة لتقصي الحقائق ضمت بين أعضائها الصحافي «الإخواني» محمد عبدالقدوس يفترض أن تذهب خلال ساعات إلى كرداسة.