تستضيف العاصمة الأردنية خلال الشهر الجاري مشاريع فنية عدّة وفعاليات شبابية جديدة ومستقلة. من بين هذه المشاريع استوديو «حيز» الذي يهدف إلى استخدام أشكال التصميم المختلفة في إشراك المجتمعات في تفكيك وتركيب الأنماط والفضاءات والأفكار في بيئتهم. في حديقة المتحف الوطني للفنون الجميلة عرضت «أجهزة العزلة» وهي مشروع كلف به «حيز» أفراداً لصناعة أشياء توفر أو تحطم العزلة. مشاريع فنية مركبة جهزت في الفضاء المفتوح بينما دعا «حيز» بالتعاون مع «بروجكت مانيفستو» إلى جلسات «يلا حوار حضري!» لمناقشة أجهزة العزلة الموجودة فعلياً في العالم اليوم، أو «لنمشي معاً» مشياً سريعاً حول جبل اللويبدة لاستكشاف مواقع العزلة. «بروجكت مانيفستو» هو مشروع تعاوني آخر أسسته مجموعة من المعماريين الشباب عام 2012 لبحث اختبار العمارة من قبل المجتمع المحلي للتوسع في فهم حضري للمساحات والفن والتصميم. كذلك قدّم «جدل: معرفة وثقافة»، مساحة تفاعلية مفتوحة لتفعيل الجانب المعرفي في المدينة، إلى جانب عروض أفلام لمخرجين شباب، يتبعها أسبوع السينما السوريالية، وعروض موسيقية وفنية وأدبية. بينما تحول «استوديو 79» من مرسم فنان تشكيلي ليصبح فضاء للعرض مرة وللنقاش أخرى وقدم معرضه الثاني حول ما لا يعرض الفنانون من أعمال عزيزة عليهم. تفتتح الفضاءات والمشاريع الفنية بتركيز خاص في جبل اللويبدة، ويتحرك جمهور السينما وصناعها من وإلى جبل عمان، بينما تظهر وتختفي مشاريع في جبل القلعة. يعرض كثير من هذه المشاريع ضمن «ملتقى أسبوع الفن» الذي تتشارك في تنظيم فعالياته صالات العرض في عمان والمتحف الوطني للفنون الجميلة. ربط الملتقى عروضاً فنية ببرامج من الورش والمحاضرات واللقاءات الاجتماعية، أبرزها «منتدى التواصل الفني» الذي ناقش على مدى يومين في جلسات مفتوحة للجمهور حالة الفن الأردني وموقعه في السوق الفني الإقليمي، وعلاقة الطبقات الاجتماعية بالفن في الشرق الأوسط، والثورة الرقمية. ضمن برامج الأسبوع في المتحف أقيمت ورش بحثت فكرة المتاحف عبر التاريخ، أو عرضت تجارب دراسة التقليد الواقعي الكلاسيكي في أكاديميات صممت على غرار الأكاديميات الفنية الفرنسية والروسية في القرنين الثامن والتاسع عشر، وورشة في الرسم التصويري والتوضيحي للأزياء، وورشة بعنوان «مش فن» طرحت لبحث تعريف وتقييم واعتبار الفن. ينوِّع القيمون على الفعاليات في محاولاتهم تقليص المسافة بين الفن والجمهور العام، بين حفلة للفنان مارسيل خليفة قدمت على مسرح جبل القلعة، أو حفلة ل «مشروع ليلى» في المدرج الروماني. كما نظم أيضاً معرض «أردني فلسطيني فرنسي» في رابطة الفنانين التشكيليين، وعرض في مسرح الرينبو أسبوع للفيلم اللبناني نظمته الهيئة الملكية الأردنية للأفلام ومؤسسة عبدالحميد شومان. ويرافق كل الأنشطة حوارات ولقاء تتيح للعاملين في الحقل الفني والثقافي فرصة أوسع لبحث أفكارهم. وتتنافس هذه البرامج المفتوحة والمجانية لاستقطاب جمهور العاصمة، ولكن عليها العمل للتوسع في عروضها، مثلما فعل ملتقى حكايا السادس الذي طاف بعروضه في مدارس ومسارح ومخيمات ومؤسسات وحدائق عمان ومحافظات الزرقاء والشونة ومادبا، وعقد ورشة تدريب في الحكي لفريق من المسرحيات الغزيات ما بين مدينتي عمان وعجلون. كما استضافت عمّان معرضاً للكتاب على مدى يومين إتخذ اسم «نون». شهدت نسخته الأولى حضوراً ضخماً تهافت فيه الجمهور على الحصول على نسخ موقعة من المؤلفات الأدبية أو على عروض الكتب التي تراوحت أسعارها ما بين عشرة قروش ودينارين أردنيين. نظم المعرض شباب متحمس للثقافة في صالة الهنغار التابع لأمانة عمان. هذا التدفق الفني والثقافي، ما هو إلا نتاج حراك ولد من رحم تفتح الوعي الفردي والجماعي على إثر الانتفاضات العربية. والأهم أن غالبية هذه المشاريع الجديدة انطلقت بمبادرات فردية أو تعاونيات صغيرة، اعتمدت على التمويل الذاتي أو وظفت شبكات الفن المحلي واستعداده لمشاركة مساحاته الفنية. وتحاول هذه المشاريع الخروج من نمطية الفعاليات الفنية والخطاب الثقافي التي استهلكت في الأردن على مدى السنوات الماضية والتي خلت من أي تجدد فعلي في عدد وفاعلية الفضاءات الثقافية.