قطع جهد متعدد الطرف بدعم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة «فاو»، شوطاً بعيداً من النجاح هذا الأسبوع بعدما قامت جامعة كينية للمرّة الأولى بتوزيع صنفين جديدين من بذور القمح المقاوم للأمراض على مزارعي البلاد لغرسها في حقولهم. وعلى مدار يومين، وفد الآلاف من المزارعين الكينيين لزيارة جامعة «إلدوريت» في غرب كينيا للتعرف إلى منتجات معرض زراعي يدوم يومين ويعرض أحدث التقنيات الزراعية. وقام قسم التعاون التقني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والبرنامج المشترك بين «فاو» والوكالة والمختص ببحث استخدام التقنيات النووية في الغذاء والزراعة، بدعم استنباط الأصناف الجديدة. وتدير الجهتان على نحو مشترك مشروعاً للتعاون التقني من أجل تطوير أصناف من القمح مقاومة لسلالة فطرية مدمرة، تعرف باسم صدأ ساق القمح «Ug 99». وأخضع مرض صدأ القمح للسيطرة طيلة أكثر من 30 سنة، لكنه عاد فجأة إلى الظهور عام 1999 في أوغندا، وسرعان ما تبعه تسرب وانتشار سريع وشديد إلى كينيا المجاورة. انتشر صدأ ساق القمح «Ug 99»، الذي يسببه فطر سُميَ بموقع اكتشاف المرض وتاريخه، منذ ذلك الحين في إيران واليمن وجنوب أفريقيا، وهدد المحاصيل في مناطق أخرى وصولاً إلى الهند نظراً إلى انتقال خلايا المرض عبر الرياح. ويهدد الصدأ الطفيلي إنتاج القمح العالمي، بتقليص النمو النباتي وغلال المحاصيل إذ يمكن أن يدمر المرض بحدود ما يتراوح بين 70 و100 في المئة من محصول القمح العالمي إن لم يمنع من ذلك. وقالت المديرة العامة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو: «النهوض بالأمن الغذائي لدى البلدان النامية من خلال تطبيق الأساليب النووية، هو أولوية بالنسبة للوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأكد المدير العام لمنظمة «فاو» جوزيه غرازيانو دا سيلفا، أن «صدأ القمح، خصوصاً سلالة «Ug 99» منه، يشكل تهديداً كبيراً على أمن الغذاء لأن الأوبئة التي ينشرها يمكن أن تقود إلى تدمير محاصيل وغلال بأسرها». وطوِّرت الأصناف المقاومة لصدأ القمح تحديداً، بدعم من مشروع التعاون التقني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية المعروف باسم «الاستجابة للتهديد العابر للحدود نتيجة صدأ ساق القمح الأسود Ug 99»، ويضمّ أكثر من 20 دولة ومنظمة دولية. وأمكن تطوير هذه الأصناف المقاومة للمرض باستخدام تقنية نووية للتحسين المحصولي تعرف باسم «التربية الطفرية». ومن خلال تعريض البذور أو الأنسجة النباتية، إلى الإشعاع يعجّل العلماء بعملية التحوّل الطفري الطبيعية، ومن ثمّ يصبح بوسع المربين اختيار أصناف جديدة ملائمة وتطويرها. عام 2009، قامت الخبيرة ميريام كينيوا، المختصة بالتربية النباتية في كينيا، بإرسال 10 كيلوغرامات من خمسة أصناف لبذور القمح إلى المختبر المشترك بين منظمة «فاو» والوكالة الدولية للطاقة الذرية في بلدة «سايبرسدورف» جنوب فيينا، حيث عولجت بالإشعاع لأغراض التربية الطفرية. وأعيدت هذه البذور المعالجة إلى كينيا لغرسها في بقعة ساخنة موبوءة بهذا المرض لأغراض المراقبة والاختيار. وما لبث خبراء التكنولوجيا الحيوية لدى الجامعة الكينية أن تعرفوا إلى ثماني سلالات مقاومة لمرض «Ug 99»، أوفد أربع منها إلى مرافق الاختبار الحكومي، بينما اعتُمدت سلالتان رسمياً باعتبارهما صنفين مقاومين للمرض، من قبل اللجنة المختصة لدى وزارة الزراعة الكينية.