احتفظت بخبر عن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني نحو أسبوعين لمحاولة جمع معلومات أكثر. الخبر كان عن دراسة نفذتها «وحدة استطلاعات الرأي» حول تفضيلات السعوديين لجنسية العمالة المنزلية، والتي فازت بها الجنسية الإندونيسية بنسبة 45 في المئة. لفتني الخلط، ففي الخبر الذي نشر في شكل واسع - ويبدو أنه بناء على بيان صادر عن المركز - جاء اسمها «وحدة استطلاعات الرأي في أكاديمية مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني»، وفي موقع المركز على الإنترنت اسمها «أكاديمية الحوار للتدريب والاستطلاع العام»، وهي تسمية ربما جاءت على استحياء، لأن استطلاعات الرأي العام مهمة في تحديد اتجاه الناس، إنها بمثابة الانتخابات للأفكار والتقويم للمسؤولين والمشاريع، خصوصاً أولئك المرتبطين بحياة الناس وخدماتهم ومعيشتهم. لم أعرف قبلاً عن هذه «الوحدة» أو «الأكاديمية»، وبحثت ووجدت أن المركز أعلن عن تدشينها مرة واحدة، وجاء على لسان رئيسه أن «الأكاديمية» لها «رسالة مهمة جداً تتعلق بتوفير البيئة المناسبة للتواصل بين متخذي القرار في القطاعات المختلفة وبين المجتمع، من خلال رؤية واضحة يكون فيها المركز أداة أساسية وفاعلة في توفير المعلومات التي يمكن أن تكون أساساً صحيحاً لوضع التصور المستقبلي»، وهذا كلام جميل إذا تغاضينا قليلاً عن إنشائيته وصعوبة تطبيقه. تمنيت أن يخرج المركز باستطلاع قوي في البداية، يلوي أعناق الناس له ويجعل التنفيذيين يخشونه، ويصبح فعلاً قناة تواصل تساعد المسؤول على تكون «رؤية واضحة... إلخ». ولكن على رغم هذا، فمثل هذه الوحدة المتنكرة في اسم «أكاديمية» خطوة مهمة للأمام إذا نفذت استطلاعاتها على أيدي محترفين محايدين فكرياً، يعتمدون على منهجيات البحث والاستطلاع المعروفة. ربما، وبخاصة مع ضعف مجلس الشورى التواصلي مع الناس، وعدم إحساس الناس أنه يمثل «ترمومتراً» حقيقياً لرضاهم أو سخطهم عن الأداء الحكومي في الوزارات الخدمية والقطاعات المشابهة، أقول ربما تصبح هذه الوحدة هي المقياس الحقيقي لاتجاه الناس، كل الناس بكل أطيافهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. عندما يطرح شأن حياتي للنقاش يعيش الناس التجاذب بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، الأول يسيطر على منابر المساجد وبعض قطاعات التعليم، والثاني له حضور إعلامي أكثر في منابر التلفزيون والصحف والإنترنت، وكأني برجل شارع بسيط يقرأ صحيفته في الصباح يتكون لديه انطباع عن قضية ما، ثم يتغير انطباعه بعد سماعه لخطبة أو موعظة، وكونها موعظة فهي تعطيه الإحساس بأنها الأقرب للصواب، وبخاصة إذا ألبست ثوباً «فضفاضاً» عن قضية واضحة محددة. لا أعرف كيف ستعمل هذه «الأكاديمية»، ولكني أتمنى أن تكون بالفعل مركزاً وطنياً لاستطلاع الرأي، وتقديمه محايداً للإعلام والمسؤولين وبقية المجتمع، الحياد الذي يقتضي أن تدار بمهنية علمية ومن دون توجيه فكري. سيكون جميلاً لو كان الاستطلاع القادم على نطاق واسع حول «ما الذي برأيك يستحق أن نضعه في قائمة استطلاعات الرأي التي سننفذها»؟ [email protected] mohamdalyami@