مع انخفاض أسعار السلع عالمياً والاتجاه العالمي للكساد والانخفاض الاقتصادي الذي طاول كل اللوازم الحياتية المتنوعة، ناقض ذلك ارتفاع كبير في أسعار طهاة «المثلوثة» الشعبيين خلال شهر رمضان الذين تجاوزت رواتب بعضهم 13 ألف دولار خلال شهر رمضان المبارك، مع عروض قد تصل في العام إلى 750 ألف ريال تنوعت ما بين تذاكر سفر للطاهي، وسكن راق له ولأسرته، إضافة لبدلات سنوية، كل ذلك من أجل بقاء الطاهي في المطعم وعدم استسلامه للعروض الكثيفة المغرية له. يقول عبدالرحمن الجرفين (صاحب أحد محال المثلوثة) من أهم أسباب حفاظ مطاعم «المثلوثة» على زبائنها هو جودة «الطباخ» الذي يعتبر القلب النابض للمطعم فغالبية زبائن المثلوثة هم من المتذوقين لها ويمتازون بمعرفة النكهات الجيدة لها، لافتاً إلى أن شهر رمضان المبارك يزداد الطلب على طباخي المثلوثة في شكل كبير مايرفع أسعارهم خلاله إلى أرقام فلكية تتجاوز 50 ألف ريال شهرياً. وأضاف، خسرت أكثر من نصف مليون ريال لإنشاء مطعم «مثلوثة» في الرياض بعد إغراء صاحب مطعم آخر لرئيس طهاة المطعم لدي بضعف راتبه الذي كان يأخذه مني، ف 18 ألف ريال كراتب شهري من قبلي لم يكن كافياً له، إذ أغراه صاحب مطعم آخر بعرض كبير، قدره 35 ألف ريال مع مميزات خاصة تصل بمجموعها سنوياً إلى 750 ألف ريال، منها سكن في حي راق وتذاكر سنوية له ولأسرته. ولفت الجرفين إلى أن غالبية طباخي «المثلوثة» المختصين هم في الغالب من الجنسية اليمنية والذين كانوا يعملون في السابق في مجال الطبخ لدى مسؤولين أو شخصيات مهمة لفترة طويلة من الزمن، ومن ثم انتقلوا إلى العمل التجاري إما تقاعداً أو تجارة، مشيراً إلى أنهم في الغالب «أميين» و «كبار سن» وتعاطوا مع هذه المهنة بالخبرة فقط ومن دون دراسة، كما أن هذه المهنة تنتقل بالوراثة فيهم، نظير المردود المالي المرتفع لها. أما أبو محمد (صاحب مطعم للمثلوثة)، فيقول إن شهر رمضان المبارك دائماً ما يعتبر موسم كبير لطباخي المثلوثة جراء ارتفاع الطلب عليهم بعد أن توجه فاعلو الخير والجمعيات الخيرية لتقديم وجبات الإفطار الخيرية والإقبال الكثيف على محال المثلوثة، مشيراً إلى أن الطلب على هذه المحال في الرياض ليس بالتساوي فهي تبلغ المئات، في حين أن الإقبال الكثيف لا يكون إلا على العشرات منها فقط والتي يتجاوز مبيعات بعضها حاجز المليون ريال في الشهر، نسبة الأرباح منها تتجاوز 35 في المئة. واعتبر أن نجاح الكثير من محال المثلوثة في السعودية وعشق السعوديين لهذه الوجبة أسهم في افتتاح فروع كثيرة للمطاعم الناجحة في السعودية فروع أخرى لها عالمياً وبالأخص في شرق آسيا، مشيراً إلى معرفته للكثير من الطهاة الذين ينقلون هذه المهنة لأبنائهم ويقومون بفتح مطاعم لهم في الخارج. من جهته، يقول علي محمد (طباخ مثلوثة) إن الطباخين الشعبيين المميزين يعتبرون عملة نادرة ومكسباً كبيراً للمطعم الذي يعملون فيه، وهم أهم أسباب نجاحه، ويدرون ملايين الريالات لصاحب العمل، في حين أنهم لا يتقاضون مبالغ كبيرة فمبلغ 30 ألفاً أو أكثر بقليل يعتبر قليلاً مقارنة بالمكاسب الشهرية للمحل والتي تصل لمئات الآلاف. وأضاف، أن الرواتب التي تصرف للطباخين في الشهر تتراوح مابين 15 ألف ريال إلى 50 ألف ريال شهرياً بحسب إتقانهم لإعداد الوجبات وشعبيتهم وشهرتهم وكذلك إقبال الزبائن على مطعمهم، مشيراً إلى أن الكثير من الأشخاص يسافرون من مدينة لأخرى من أجل زيارة مطعم مع أنه يعرف الكثيرين يحرصون على سؤال عن مطعم المثلوثة المميز في أي مدينة يزورونها. وقال إن بعض أصحاب المطاعم يعرض على الطباخين المشاركة في الأرباح بنسب معينة بدلاً من الراتب الشهري لتحفيزه على العمل، وضمان عدم بحثه عن مكان آخر يعمل فيه، لافتاً إلى أن سر جودة الطباخين تكمن في البهار الذي يقومون غالباً بإعداده شخصياً. ويقول طباخ آخر قايد (خبرة 30 عاماً في الطبخ الشعبي) إنه منذ أن كان عمره 25 عاماً وهو يمارس الطبخ الشعبي، كما أنه يشرط في بداية تعاقده مع أي مطعم يعمل معه أن لا يوجد عنده أي شخص حين الطبخ، وحين يفرض صاحب المطعم وجود أحد عنده فإنه يرفض ذلك العمل، مرجعاً السبب إلى ضمان سرية الإعداد في الطهي، مشيراً إلى أن غالبية الزبائن يحرصون على كون نكهة الرز مشابهة لطبخ المنازل ويعتبرونها ميزة فريدة.