فرضت الضربة العسكرية الغربية المحتملة ضد سورية نفسها على نقاشات الكونغرس الأميركي، ف «قانون الهجرة» الجديد الذي صدّق عليه مجلس الشيوخ في حزيران (يونيو) الماضي، كان في طريقه إلى مجلس النواب حيث توقف موقتاً. والعنوان الرئيس للقانون تنظيم اليد العاملة غير الشرعية الوافدة من أميركا اللاتينية عبر المكسيك، ولكنه يحمل في طيّاته تعديلات تهدف إلى استقطاب الأدمغة إلى الولاياتالمتحدة، وفتح الأبواب أمام مزيد من السياح الذين يبلغ عددهم حالياً نحو 70 مليون شخص سنوياً. وأظهرت أرقام وزارة التجارة الأميركية أن قطاع السياحة استحوذ على نحو ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2012، ويؤمن نحو ثمانية ملايين وظيفة، وتبلغ عائداته السنوية 167 بليون دولار. وتحتسب الوزارة الأموال التي ينفقها السياح الأميركيون في العالم، والتي بلغت 128 بليون دولار العام الماضي، لتستنتج أن «الميزان السياحي» الأميركي حقق فائضاً بلغ 48 بليون دولار، وذلك للسنة ال 23 على التوالي. وأظهرت البيانات أيضاً أن الولاياتالمتحدة احتلت المرتبة الأولى لجهة حجم استقطاب الإنفاق السياحي العالمي، إذ انفق زوارها نحو 12 في المئة من إجمالي الأموال التي أنفقوها في العالم، على رغم أن الولاياتالمتحدة احتلت المرتبة الثانية، بعد فرنسا، لجهة عدد السياح الذين بلغت نسبتهم نحو سبعة في المئة من إجمالي السياح في العالم. التأشيرة السياحية ودفعت هذه الأرقام الإيجابية الأميركيين إلى الالتفات حول القطاع السياحي ومحاولة استقطاب المزيد من السياح، في حين أكد مسؤولون أن ذلك يتطلب تسهيل حصول الأفراد على تأشيرات دخول سياحية، التي بسبب قانون الهجرة لعام 1954 والتعقيدات الأمنية، ما زالت عملية معقدة لبعض الجنسيات. ولدى الولاياتالمتحدة اتفاقات مع 37 دولة، معظمها أوروبية إضافة إلى اليابان واستراليا وسنغافورة وكوريا الجنوبية، تتيح للمواطنين دخول الولاياتالمتحدة من دون الحصول على تأشيرة دخول من القنصليات الأميركية في بلادهم، وذلك عبر تسجيل دخولهم الكترونياً على الانترنت. أما كندا، التي تصدر مواطنوها زوار الولاياتالمتحدة بنحو 23 مليون العام الماضي، فيمكنهم الدخول براً بالبطاقة الشخصية ومن دون جواز سفر. وجاءت المكسيك بعد كندا لجهة عدد الزوار ب 15 مليون سائح، ثم المملكة المتحدةواليابان بأربعة ملايين لكل منهما، فألمانيا والبرازيل بمليوني سائح، ففرنسا والصين ب 1.5 مليون سائح عام 2012، ثم كوريا الجنوبية واستراليا بنحو 1.25 مليون سائح. وكان لافتاً أن عدد السعوديين الذين زاروا الولاياتالمتحدة ارتفع 37 في المئة العام الماضي إلى 182 ألفاً، لتحتل بذلك المملكة المرتبة 35، وتكون الدولة العربية الوحيدة بين الدول الأربعين الأولى. وتوصلت الحكومتان الأميركية والسعودية قبل نحو عام إلى اتفاق يقضي بتسهيل دخول المواطنين السعوديين إلى الولاياتالمتحدة بموجب برنامج تعاون تمنحه الأخيرة للدول الصديقة، وهو الترتيب الذي يعتقد خبراء أميركيون أنه ساهم في زيادة عدد السياح السعوديين العام الماضي. وبمراقبة الأرقام وارتباط ارتفاعها بتسهيل دخول السياح، يعتقد مسؤولون أميركيون أن المزيد من التسهيلات للتأشيرة السياحية من شأنه أن يسمح للولايات المتحدة استقطاب عدداً أكبر من السياح، وبالتالي تحقيق المزيد من الإيرادات وخلق فرص عمل في قطاع الخدمات. واختار أربعة سفراء سابقين، هم جيم روزابيبي وجايدي كراوتش ومايكل غست ومارك غيتستين، عنوان «أصلحوا برنامج الإعفاء من الفيزا» لمقالتهم في «صحيفة واشنطن بوست»، والتي دعوا فيها إلى توسيع برنامج الإعفاء الذي يشمل 37 دولة ويسمح لمواطنيها الزيارة والإقامة من دون عمل لمدة 90 يوماً. وكتب السفراء أن «التقاعس عن معالجة هذا الموضوع يؤذي علاقة الولاياتالمتحدة بحلفائها وينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني»، داعين مجلس النواب إلى اللحاق بمجلس الشيوخ وتبني البند القانوني الذي يسمح بتوسيع البرنامج. ولفتوا إلى أن دعمهم لإصلاح «قانون الهجرة» الحالي يعكس قناعتهم بأن «قوانين التأشيرة الحالية تحدد في شكل غير عادل عدد الزوار الذين يجب على بلادنا أن ترحب بهم، كما أن حرمان بعضهم من زيارة الولاياتالمتحدة نظراً إلى تدني مدخولهم بحسب المقاييس الأميركية مبني على اعتقاد أنهم سيسعون إلى البقاء في البلاد في شكل غير شرعي، وترك وراءهم ثقافتهم وعائلاتهم وأصدقائهم، وهو اعتقاد خاطئ في الغالب». وفي ظل القانون الذي أقره مجلس الشيوخ، والحملة التي يشنها ناشطو المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية، يُرجح أن يوسع الكونغرس في نهاية المطاف «برنامج الإعفاء من الفيزا». وفي الوقت ذاته، يُرجح أن يتضمن القانون الجديد تعديلات تُسهّل منح تأشيرات للدول غير المشمولة في الشراكة.